احتفلت جمهورية الصين الشعبية بمرور 60 سنة على تأسيسها، وهذا يدفعنا الى الرجوع للماضي والنظر في كيفية بناء الصين الحديثة، لننظر ونتفحص ونضع المجاهر الكاشفة والفاحصة لنتعلم كيف وصلت الصين الى ما هي عليه الآن، ولا يمكن ان تصل الى هذا المستوى المتقدم من الريادة لولا وجود تخطيط سليم وإخلاص للوطن، كيف تمكنت من بناء دولة وجمهورية من حطام الحرب، وهذه نظرة خاطفة عن الموضوع، لعلنا نجد فيها العبر.
كان مجموع الناتج المحلي للصين يقدر بـ 67 مليار يوان في عام 1952، وزاد هذا الناتج بحوالي 30 مليار يوان في عام 2008، وذكرت مجلة «الصين اليوم» في عدد أكتوبر انه «في سنة 1986 حطم اجمالي الناتج المحلي الصيني لأول مرة حاجز التريليون يوان، وبعد خمس عشرة سنة، في عام 2001 تجاوز عشرة تريليونات يوان، وتم الوصول الى معالم جديدة بوتيرة متسارعة: 20 تريليون يوان سنة 2006، وبسرعة 30 تريليون يوان سنة 2008، وفي الوقت ذاته ارتفعت حصة الاقتصاد الصيني في الاقتصاد العالمي من 1.8% سنة 1979 إلى 7.3% سنة 2008».
وقد ذكر «تقرير القدرة التنافسية في العالم 2009 ـ 2010» ان الصين ارتفعت من المركز 30 إلى 29 الذي صدر من المنتدى العالمي، ومن المتوقع ان تنتهي الصين من انتاج الطائرة العملاقة سنة 2016، كما ان لدى الصين القدرة على ان تعمل على تصنيع أكثر من 140 طائرة ركاب سنويا، ومن المتوقع ان يصل انتاجها من الطائرات أكثر من 2200 طائرة خلال 20 سنة فقط، وشهد قطاع السياحة تطورا هائلا وملحوظا، حيث يوجد بالصين اكثر من عشرة آلاف فندق وأكثر من 1600 وكالة سفريات، هذا بالإضافة الى المناظر الطبيعية الخلابة والأماكن التراثية والأثرية التي تتمتع بها.
وأفاد عميد كلية الشؤون الديبلوماسية الصينية وجان مين بأنه «كان عدد الدول التي أقامت علاقات ديبلوماسية مع الصين الجديدة في الفترة الأولى بعد تأسيسها قليلا جدا، في سنة 1955 كان العدد 23 دولة، ارتفع الى 62 دولة سنة 1971، ثم قفز الى 116 دولة سنة 1979، وحاليا يبلغ عدد الدول التي لها علاقات مع الصين 171» انها فعلا ديبلوماسية الانطلاق الى العالم الفسيح الرحب، الذي لن يكون فيه مكان للضعفاء، تستحق هذه الديبلوماسية ان تسمى بالشاملة، ما أدى الى تغيير النظرة للصين من قبل الدول المتقدمة.
وقد شارك المسلمون الصينيون واحتفلوا بتأسيس الصين الجديدة من خلال معرض للخط والرسم، وكانت هناك العديد من اللوحات الفنية والابداعية، وبدوره قال رئيس الجمعية الاسلامية الصينية هلال الدين تشن: «ان الفنانين المسلمين يعتزون بوطنهم العظيم اعتزازا كبيرا ويدعون بمهاراتهم الرائعة، الى التمسك بالتقاليد الطيبة للمسلمين الصينيين» ومنها «حب الوطن وحب الدين» و«وحدة القوميات الصينية» ويعبرون بقلب واحد عن قلوب 21 مليون صيني مسلم، تضمن المعرض أكثر من 300 لوحة وعمل فني.
وهنا يجدر ان نسأل سؤالا وهو كيف تقدمت الصين؟ ولماذا لا نتقدم نحن؟ كيف استطاعت أن تتحول من بلد متخلف وفقير وبه عدد من السكان الشيء الكثير والكبير، ما هو سر تقدمها حيث انها اصبحت وجهة العالم الصناعية، وسبقت باقي الدول النامية بمئات السنين، اعتقد ان الصين لا يمكنها التقدم لولا اهتمامها الواضح بالعلم والإدارة المخلصة، الخلاصة ان ما حدث في الصين انما هو نتيجة طبيعية للجد والتفاني والاصرار والعزيمة التي اصبحت مفقودة ونادرة في أكثر البلدان العربية.
[email protected]