أصبح تاريخ 8 ديسمبر 2009 يوما تاريخيا بكل ما تعنيه الكلمة، وستكتب الأقلام المختلفة عن هذا اليوم، وينم عن مرحلة جديدة ونضج سياسي وإضافة في الحياة البرلمانية الكويتية، ألا وهي صعود سمو رئيس مجلس الوزراء منصة الاستجواب بجلسة سرية المقدم من النائب د.فيصل المسلم، وهذه البادرة هي الأولى من نوعها في تاريخ الكويت والعالم العربي أجمع، هذا بالإضافة الى هذا الطرح المهذب والراقي من قبل الطرفين، مع العلم انه قدم كتاب عدم تعاون من قبل مجموعة من الأعضاء استنادا الى المادة 102 من الدستور وسيصوت المجلس على الطلب بتاريخ 16 الجاري مع وجود أغلبية مريحة بيد الحكومة لتجاوز هذا الطلب.
وبعد الانتهاء من جلسة الاستجواب السرية ألقى سمو رئيس مجلس الوزراء كلمة قال فيها «انطلاقا من ايماني بالديموقراطية، فقد وجدت من واجبي بالرغم مما شاب الاستجواب من مخالفات دستورية وقانونية، حيث تناول تارة مصروفات ديوان رئيس مجلس الوزراء وهو امر معروض على الجهات القضائية المعنية بما لا يجوز معه دستوريا التعرض لمجرياته»، وأفاد «وبذلك نؤكد انه بحسم هذه الجولة فإننا نطرح هذا الأمر جانبا، ونجتاز هذه المرحلة بما لها وما عليها، انطلاقا الى مسيرتنا الوطنية متطلعين الى تعاون مثمر بين السلطتين»، كما ان النائب فيصل المسلم، يستحق الاشادة مرة ثانية على هذا الطرح الراقي وقد قال بدوره «نحيي ونشكر سمو رئيس الوزراء على صعود المنصة ورقيه في الاستجواب».
أعتقد ان الحكومة أنجزت وصدقت الوعد بمواجهة هذا الاستجواب بالذات، ويجب المضي قدما وطي صفحة الماضي، فهناك الكثير من المشاريع التنموية التي فيها خير للبلاد والعباد بانتظار الحكومة، التي ستخرج من الاستجواب بروح قوية وبنفس فتية، مما سيعطيها دفعة قوية للأمام ويجعلها قادرة على تخطي العقبات التي ستواجهها في المستقبل القريب.
ومن نافلة القول ان النواب الذين وقعوا على طلب عدم تعاون ستزداد شعبيتهم في المرحلة المقبلة، وتحديدا «كتلة العمل الشعبي» ستعود أقوى مما كانت عليه في السابق، وستلملم جراحاتها السابقة التي أدت الى إضعافها وتفككها وخروج بعض أعضائها، اذ سيكون هناك تسابق على كسب ودها من قبل أعضاء مجلس الأمة، بالاضافة الى حركة «حدس» التي عززت من شعبيتها ولو استمرت على هذا النهج والطريق فسيتضاعف عددها في اي انتخابات مقبلة، اما كتلة التنمية والإصلاح فإن كل عضو فيها يمثل كتلة برلمانية لوحدة، بسبب قوة وكفاءة أعضائها.
كم كنت أتمنى ألا تكون الجلسة سرية، وذلك حتى يقل القيل والقال، ولاحظت ان الناس لا تسأل الا عن استجواب المسلم، كما يقول المثل «كل ممنوع مرغوب»، وما ان ذهبت الى اي مكان في يوم الاستجواب الا وجدتهم يتحدثون عن هذا الاستجواب بالذات، واذا كانت الجلسة سرية وفقا لأحكام الدستور فإن رأي الأغلبية يجب ان يقدر ويحترم، وفي النهاية أسجل إعجابي بالنائب فلاح الصواغ على هذا الأداء البرلماني الرائع.
[email protected]