الزيارة التي قام بها الرئيس التركي عبدالله غول إلى الكويت بدعوة من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد «حفظه الله» قد تكون لها أبعاد كثيرة، فهناك اتفاقيات بين تركيا ودول الخليج العربي تتعلق بالتجارة الحرة، كما ان عين تركيا على دول الخليج دقيقة جدا وإستراتيجية وفاحصة وكاشفة في الوقت نفسه، ورغم أن هذه الأبعاد المختلفة تتنوع بين الاقتصادية والسياسة والسياحية والصحية والأمنية وغيرها من الأمور، إلا أنني أعتقد أن أهم بعد هو البعد الاقتصادي.
تركيا اليوم تحاول أن تكون في مصاف الدول العظمى والمتقدمة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا، أما الجانب الاقتصادي فقد حقق القطاع المصرفي التركي في عام 2008 ربحية تجاوزت 35%، وانخفض معدل التضخم لديها أكثر من 4%، وللكويت في تركيا استثمارات كبيرة تقدر بـ 19 مليار دولار، وهذا الرقم ليس بسيطا خاصة بعد ان اختارت الكويت أن تستثمر في بلدان رئيسة وتركيا واحدة منها، حيث ان الاقتصاد التركي أصبح الخامس عشر على مستوى العالم والسادس على أوروبا.
ولا شك ان المستثمر يبحث عن البلدان الآمنة والمستقرة والتي تكون فيها عوائد جيدة على رأس المال، وكل هذه الأمور متوافرة في الاقتصاد التركي النشط والمنطلق بقوة للأمام، بالإضافة إلى القوة العسكرية والإمكانيات التي لديها، فضلا عن سياسة تركيا الداخلية والخارجية المنفتحة والتي ساهمت مساهمة فاعلة في حل أكثر المشاكل العالقة في الشرق الأوسط.
تركيا تحاول وبقوة الدخول في الاتحاد الأوربي، إلا أن المفاوضات بهذا الشأن مازالت بطيئة بعض الشيء، وفي هذا الخصوص قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو «نأمل أن تتضاعف سرعة المفاوضات» يقصد مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي.
بينما ذكر المفوض الأوروبي لشؤون التوسيع أولي رين «أن المفاوضات دليل على أن قطار انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي مازال على السكة وأنه يتقدم»، وفي حال دخول تركيا الاتحاد الأوروبي سيكون لذلك أثر إيجابي على اقتصادات الكويت والمنطقة الخليج عموما، وسنرتبط بالاقتصاد الأوروبي عبر البوابة التركية، وسيزيد ذلك من أهمية دول الخليج الإستراتيجية، ويمثل صورة من صور التكامل الاقتصادي والحضاري والثقافي والسياحي والسياسي، خاصة مع وجود مقترح لعمل خط سكة حديد بين دول التعاون» والذي سيزيد من قرب تركيا إلى دول الخليج العربي، علما ان هذا المقترح ليس بالجديد من جانب تركيا، وأعتقد أنه من ضمن المسائل المطروحة في الزيارة.
أعتقد ان الاستثمار والمال الخليجي سيتجه أكثر إلى تركيا، وهناك أسباب وجيهة ومنطقية تؤدي لهذه النتيجة، وهي أن منطقة الشرق الأوسط في العام الجديد 2010 ستكون غير مستقرة نسبيا بسبب العقوبات المفروضة من قبل المجتمع الدول على إيران، بالإضافة إلى أن العراق مازال غير مستقر أمنيا، ونحن نتمنى له الاستقرار قريبا خاصة بعد الخروج المبرمج للقوات الأميركية في سنة 2011 من أراضيه.
ومن الأسباب التي تجعل رؤوس الأموال تتجه لتركيا الصديقة أن الأزمة المالية العالمية مازالت آثارها ظاهرة على بعض أسواق شركات وبنوك العالم، وفي المقابل فإن الاقتصاد التركي مازال متماسكا عن بقية أسواق العالم.
[email protected]