عبدالعزيز الأحمد
قسوة الزمن وضربات القدر تأتي بأوجاعها المؤلمة المتلاحقة كنصل سكين حاد تقطع الأعناق من الوريد للوريد وتفجر البراكين الثائرة بزفرات كاتمة وحزينة تطحن القلوب.
كان خبرا مؤلما بل فاجعة هزتني من الأعماق للأعماق لم أتحمل الخبر الأليم عندما أعلن التلفاز نبأ رحيل الشيخ سالم الصباح، رحمه الله وأدخله واسع جنانه.
لا أعرف من أين أبدأ وعن أي شيء أقول فهول الصدمة شل تفكيري، وعقد لساني فأصبحت لا أقوى على التعبير، فقلبي انشطر وتقطع من الألم وأحسست ان كل ما بداخلي يتمزق حزنا وأسى على رحيل «أبوباسل» انها حقا فاجعة أبكت كل من بديرتنا الطيبة، المرأة العجوز، والشيخ الكبير، والأطفال، والطيور، والأشجار حتى البحر أوقف هديره ليذرف دمعا ساخنا وعبرات حزينة على المصاب الأليم.
ان هذا الرجل العظيم خرج من رحم هذه الأرض الطاهرة ليكون رمزا للشجاعة وابنا مخلصا وبارا لأمه الكويت، لقد كانت معرفتي بهذا الرجل المبدع من خلال مقابلاتي القليلة معه ووجدت فيه انسانا رقيقا ودودا خلوقا حلو المعشر، كانت ابتسامته الدائمة نورا يضيء ما حوله فيصبح شعاعا بنفسجيا طائرا، فقد كان «أبوباسل» رحمه الله، شخصية متميزة وقيادة محنكة فقد كان حكيما صبورا ذكيا يشعرك من اول وهلة بأن هناك من هم من علية القوم وأبناء الأجاويد الكرام في قمة التواضع ودماثة الخلق القويم لا يترفعون على احد ولا تهمهم الأموال ولا الأضواء فأبوباسل كان قائدا وديبلوماسيا محنكا وقائدا نشطا ووزيرا إنسانا.
كان رحمه الله يتمتع بمشاعر وطنية وشعبية جارفة وفياضة وكان كريما وانسانا نبيلا أحب الكويت من قلبه وأحبته من قلبها وفداها بروحه حتى آخر رمق في حياته.
وما بذله شيخنا الراحل رحمه الله من جهود وعمل دؤوب من اجل القضية الوطنية والانسانية لأسرى الكويت لأكثر من خمسة عشر عاما كان فيها يجول ويصول في بقاع العالم، لا يمكن لأي انسان شريف ان ينكرها الا الجاحدون والحاسدون فقد كان الشيخ سالم رحمه الله ابا حنونا وانسانا عطوفا وبلسما شافيا لكل أهالي الاسرى والمفقودين حيث احاطهم بالرعاية الكاملة فكان نهرا عذبا يرتوي منه القريب والبعيد، كما كان أيضا كريما الى ابعد حدود الكرم، لم يمن بعطاءاته على أحد ولم يبخل على أي أحد.
رحل عنا أبوباسل بعد ان ترك لنا بصماته واضحة على كل عمل قام بانجازه وبلا شك فان أعماله الجليلة هي نبراس هداية لها وقع في نفوس كل من أحب هذا الرجل المعطاء.
ستبقى ذكراك العطرة عبقا دائما وستظل يا ابوباسل في عقولنا وقلوبنا شمسا ساطعة لن تغرب أبدا وستبقى سيرتك الناصعة خالدة في صفحات تاريخ الكويت وفي سجل «عظمائها».
لذلك نقول لن ينطفئ سراج أبوباسل أبدا وندعو الله متضرعين ان يسكن روحك الجنة ويلهم الكويت كلها الصبر والسلوان، «إنا لله وإنا إليه راجعون».