عبدالعزيز الأحمد
المظلوم انسان له مشاعر انسانية كغيره من البشر، فعندما ظلمه بنو جنسه اصبح وامسى يتطلع الى السماء بعين دامعة وقلب حزين وبكلمة يا رب!
ومما لا شك فيه ان الانسان الذي هزه ظلم رؤسائه او الذين يتابعون عمله الذي يقوم بإنجازه على احسن حال حقيقة يشعر هذا الانسان بغبن وألم ويتقلب على وسادته وكأنه يتقلب على احر من الجمر وينام على فراش الشوك الذي يدمي مضجعه، وعندما يطرق المسكين الابواب المفتوحة للنظر في ظلمه وليسترجع كرامته يصطدم بقلوب صماء من حجر فالكل يتهربون منه فيزداد الما وحسرة! ولكن تبقى له عدالة السماء التي لا تغفل ولا تنام!
ومع ان المظلوم قد يحتمل ظلم الطغاة لكنه لا يتحمل ظلم وقهر الناس له لان هذا النسيان يعذب وجدانه ويعتبره خناجر مسددة الى اعماق كبريائه فتجرح احاسيسه وتكتم ابداعاته وتكمم افواه افكاره فيتألم المظلوم من الزمن القاسي الذي مسح من ذاكرة هؤلاء الظالمين كل المعاني السامية «للعدل الانساني» فيظل المسكين يعاني عذابا داخليا واكتئابا يمزق انسانيته فيلعق جراحه بنفسه.
ولو تذكر الظالمون ما سببوه من كوارث نفسية لمن ظلموه لارتفعت اصواتهم لرفع الظلم عنه ولكن الظالم عادة يصاب بالشلل الفكري والانساني فتصم اذناه فلا يسمع صراخ او استغاثة المظلوم لانه ختم على سمعه ضباب اسود من نفسيته المريضة.
ولكن الله سبحانه وتعالى يسمع سريان دعوة المظلوم لانه ليس بينها وبينه اي حجاب فتفتح لها ابواب السماوات السبع: والجدير بالذكر ان للسماء فلسفتها الخاصة في رفع الظلم عن المظلوم فاحيانا تصبر السماء على الظالم لاعطائه فرصة لعله يهتدي ويعدل عن ظلمه فعدالة السماء تفتح ابوابها لنصرة المظلوم ثم تختار بعد ذلك العقاب الذي يستحقه الظالم حيث تعاقب ظالما بحرمانه من النوم وآخر بحرمانه من راحة البال وآخر تصب عليه عذاب جهنم لان عقاب السماء اكبر من عقاب الارض، فعين الله لا تنام ولا يمكن للسماء ان تترك ظالما واحدا يفلت من العقاب ولا يمكن ان تترك مظلوما واحدا ايضا دون النظر في مظلمته.
وحقيقة يجب ان تقال لو كان عدد المظلومين قليلا لانصفتهم السماء بسرعة البرق ولكن العدد قد يصل الى الملايين، ولقد اثبت التاريخ لنا ان محكمة السماء هي اسرع من اي محكمة في الدنيا في اصدار العقاب، ولذلك كل مظلوم يتطلع يوميا رافعا كفيه الى السماء: شكرا لك يا رب على انصافك لنا نحن المظلومين وشكرا لك يا رب ايضا لعدالتك وانتقامك من الجبابرة الطغاة الظالمين.