يجسد حلول اليوم الأول من برج الميزان «الموافق 23 سبتمبر» من كل عام يوما تاريخيا مجيدا لا يُنسى يتمثل في تلك الملحمة الوطنية الكبرى التي أدت الى توحيد المملكة العربية السعودية في كيان واحد ودولة قوية متماسكة قامت عام 1351هـ/ 1932م عندما أعلن المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود توحيد كل مناطق المملكة العربية السعودية كما انه يعيد لنا ذكرى مناسبة وطنية غالية على كل مواطن ومواطنة سعوديين لتذكر تضحيات الأجداد والآباء الذين أسسوا هذا الكيان الكبير وفي الوقت نفسه يعطيهم دافعا للمحافظة على المكتسبات التي تحققت والاستمرار في بناء الوطن وتدعيم ركائزه للأجيال المقبلة. وبعد إرسائه، طيب الله ثراه، دعائم الأمن والاستقرار لهذا الوطن الكبير بدأت الانطلاقة الحضارية والاقتصادية والثقافية وفي جميع المجالات الأخرى لتعم أرجاء الوطن للنهوض بهذا الوطن على كافة الأصعدة ووضع المملكة العربية السعودية على مشارف المستقبل، تسلم الحكم من بعده أبناؤه البررة الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد يرحمهم الله والذين ساروا على نهج الملك المؤسس من حيث التمسك بتعاليم الدين الإسلامي والانتماء العربي ومواصلة مسيرة البناء والتعمير والازدهار وشهدت المملكة خلال سنوات حكمهم نهضة شاملة في شتى المجالات.
ومنذ ان تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله الحكم والمملكة تعيش مرحلة متميزة من الرفاه والرخاء للمواطن السعودي وقد جاءت القرارات الملكية الكريمة التي صدرت قبل عدة أشهر، والتي تصب في مصلحة المواطن السعودي في المقام الأول ثم الاقتصاد السعودي في المقام الثاني، لتؤكد حرصه على تسخير كافة الموارد الوطنية لخدمة المواطن لاسيما ان جميع هذه القرارات التي اتخذت ستعمل على تحسين المستوى المعيشي للمواطن وتوفر له السكن اللائق وترفع من مستويات الخدمات العامة التي يحظى بها.
وقد استطاع خادم الحرمين الشريفين بخبرته الواسعة بشؤون السياسة والادارة مواصلة المسيرة التنموية وان ينهض بالمملكة نهضة نوعية في شتى المجالات على الرغم من كل التطورات والظروف الإقليمية والدولية التي أحاطت بالمنطقة وبالمملكة مما جعلها تتبوأ الصدارة في العالمين العربي والإسلامي بالإضافة الى ما تتمتع به من ثقل ديني وسياسي واقتصادي وثوابت في السياسة والعلاقات الدولية مستمدة من العقيدة الإسلامية والقيم العربية والسياسات الحكيمة لقيادتها. وان المملكة تنطلق من كونها حاضنة الحرمين الشريفين مما يؤكد الدور الإسلامي المناط بها واضعة مصالح الأمتين العربية والإسلامية نصب عينيها، متحملة مسؤولياتها الدينية تجاه العقيدة وتجاه الحرمين الشريفين فقد شهد بناء وعمارة المسجد الحرام على امتداد أكثر من أربعة عشر قرنا نقلات معمارية كثيرة على مر العصور إلا ان التوسعة التي وضع حجر الأساس لها خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله في شهر رمضان المبارك الماضي تعتبر أكبر مشروع توسعة في تاريخ المسجد الحرام اضافة الى عدد من المشاريع التطويرية في المشاعر المقدسة، إذ ان التوسعة الحالية تعد علامة بارزة في تاريخ عمارة المسجد الحرام. والمملكة الى جانب كونها دولة وطنية تسعى الى المحافظة على أمنها الوطني وتقديم الرفاه لمواطنيها بعد ان استطاعت ان تحقق وحدة هذا الكيان الكبير، فإنها تواصل القيام بدورها المحوري في المجالات الإقليمية والدولية عبر ديبلوماسيتها النشطة وجهودها التي لا تكل في خدمة قضايا الأمتين العربية والاسلامية. واليوم مع حلول ذكرى تأسيسها الـ 81 وبقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين أيدهما الله تدخل المملكة مرحلة جديدة في مسار نهضتها وهي مرحلة تؤهلها لتكون واحدة من أهم دول العالم في القرن الواحد والعشرين.
ومنذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين الحكم، قبل ست سنوات ونيف والمملكة تشهد نهضة تنموية شاملة، فالقطاعات الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والصحية، اضافة الى قطاعات المواصلات والاتصالات والمياه والكهرباء تشهد تطورا ونموا كبيرا. فقد قام، يحفظه الله، بتسخير الثروة الوطنية لتطوير كل القطاعات ودشن عددا من المبادرات الاقتصادية والتعليمية والصحية، كما استطاعت المملكة تحت قيادته تجاوز آثار الأزمة الاقتصادية العالمية وتبوأت مكانتها المستحقة كإحدى الدول العشرين المؤثرة في الاقتصاد العالمي وأحد صانعي السياسات المالية والنقدية في المجتمع الدولي. أما الاستراتيجية التي تنتهجها قيادة المملكة لصيانة هذه المكتسبات وتدعيمها فتتمثل في عدة ركائز أولاها التمسك بالعقيدة الاسلامية قولا وفعلا والسير على نهجها، وثانيتهما التمسك بالهوية العربية وثالثتهما المحافظة على وحدة الوطن وسلامة أراضيه ورابعتهما توفير العيش الكريم لمواطني المملكة عبر خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وتجيء هذه المناسبة الوطنية الغالية لتذكرنا جميعا بتضحيات الأجداد والآباء ولتحفزنا على مواصلة العمل لاستكمال متطلبات التنمية الشاملة التي انطلقت منذ أن بدأ المغفور له الملك عبدالعزيز مسيرته الطويلة والشاقة لبناء هذا الوطن والذي استطاع خلال فترة قصيرة في أعمار الدول والشعوب أن يصل به الى مصاف الكثير من الدول التي سبقته في بناء الدولة الحديثة كما استطاع، يرحمه الله، أن يرسخ دائم أول وحدة عربية في العصر الحديث صمدت في وجه كل التحديات الإقليمية والدولية، ومازالت تواصل القيام بمسؤولياتها العربية والاسلامية. ومع حلول هذه الذكرى الغالية أود أن أتقدم بالتهنئة الى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية يحفظهم الله وإلى الأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي النبيل، داعيا الله عز وجل أن يحفظ المملكة العربية السعودية من كل مكروه، وأن يعيد هذه المناسبة عليها بكل خير وعزة، وأن يديم المولى عز وجل عليها وعلى شقيقتها الكويت وعلى الأمتين العربية والإسلامية نعم الأمن والاستقرار والرخاء وأن يحفظ لدولتينا القيادتين الحكيمتين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وشقيقه حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يحفظهما الله.