عبدالعزيز المطيري
لا يخفى على أحد أن هاجس أي جماعة أو مؤسسة أو مجتمع أو دولة هو الأمن، وتطبيقه والشعور به، ولا يخفى على أحد أيضا أن الأمن لا يمكن أن يطبق دون الاستناد إلى المعلومات أيا كانت هيئتها أو أهميتها، فمنذ أيام الجماعات والطوائف أو الدول والإمبراطوريات الغابرة، كان للمعلومات أهمية كبرى في الحفاظ على الأمن، وتحجيم الخطر أو إلغاؤه عن طريق كشف الدسائس أو المؤامرات أو السرقات وإلى ذلك من أخطار على هذه المؤسسات، الأمر الذي حتم على هذه المؤسسات ابتكار طرق ووسائل جديدة للحفاظ على المعلومة وحمايتها، وذلك من أجل استمرار النظام وديمومته، ما يثبت أن النظام يدوم باستمرار المحافظة على الأمن، والمعلومات التي تدعم استقراره.
ولكن مع الانفجار المعلوماتي الهائل في عصرنا الحالي، والتطور السريع للحياة المدنية والمعلوماتية، أصبح من الصعب السيطرة على المعلومات وحمايتها، الأمر الذي ادى الى ظهور ودراسة أمن المعلومات، الذي يهتم - اختصارا - بالمعلومة وكيفية حمايتها من الانتهاك واستهلاكها بأيدي الغير.
وعلى الرغم من التقدم المعلوماتي الملحوظ في الكويت، إلا أن هذا التقدم - للأسف - اقتصر على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي فقط، أما على الصعيدين السياسي والأمني، فيشوبهما العديد من جوانب القصور والنقص والخلل، وهو ما يؤثر سلبا على النظام في الكويت. إذ إنهما يكملان بعضهما، ودون أحدهما يفسد الآخر، وكي لا أحيد عن جادة المقال، سأركز على الجانب الأمني: أمن المعلومات، وحاجتنا لتدعيمه، خاصة مع الوضع الإقليمي بالمنطقة الذي لا يبشر بأي خير.
يقول رئيس وحدة المعلومات والتكنولوجيا في جامعة الكويت د.سلطان الديحاني، إن «الجانب الأمني للمعلومات في الكويت يعاني - للأسف - من خلل من ناحية الأجهزة والكوادر الأمنية، وأيضا معدات الرصد التي لا تتماشى والعصر الرقمي الذي نعيش فيه، وهو ما نلحظه في عدم القبض على مسببي البلاغات الكاذبة في نهاية مارس الماضي، وإن كان هذا التأثير غير مباشر، ليس هذا فقط، بل إنه لا توجد قوانين وتشريعات تجرم أو على الأقل تعاقب منتهكي أمن المعلومات، الأمر الذي يعطي دافعا قويا ومحفزا مثيرا على المزيد من الاختراقات الأمنية في قطاع المعلومات».
وخير مثال على كلام د.الديحاني حادثة أحد البنوك الكويتية الذي تم اختراقه عام 2004 من قبل شاب صغير، عن طريق احدى ثغرات الاتصال وسرقة ما يقارب العشرين ألف دينار، ومع هذا لم تنزل به عقوبة مناسبة بسبب عدم وجود تشريع يجرم انتهاك الأنظمة الأمنية المعلوماتية، المثير للحنق في هذا الأمر أن هذه الجرائم في تزايد مستمر ومرعب، ولا يقتصر على الجانب المالي والسرقات، بل يمتد الى التلصص وسوء استخدام المعلومات، وأيضا انتهاك خصوصيات الافراد وحرماتهم وحرياتهم، والتغلغل فيها، ويرجع ذلك الى تقاعسنا، نحن المسؤولين وعامة الشعب، عن المطالبة بتفعيل هذا النوع من الأمن ذي الاهمية العالمية، والتفرغ لمهارات وقضايا سياسية دون هذا المستوى من الأهمية.
هذا لا يعني أنه لا يوجد توجه من بعض إدارات الدولة، وأيضا من الذين يخافون على مصلحة البلاد والعباد، لتفعيل أمن المعلومات والمحافظة عليه من الاختراقات، وهو ما نراه في القانون الذي ظهر قبل أقل من شهر، والذي يساهم في حماية أمننا المعلوماتي، وهم بذلك ساهموا في إنجاز عظيم وملموس لخدمة وصالح الدولة، مثبتين لنا وللكويت أنهم أفضل في النهج وأبلغ في الفعل، من الصراخ السياسي لمن يدّعون الخوف على الصالح العام والذود عنه، الذين تُصم آذاننا دوما من نشازهم المزعج، خاصة في أوقات الانتخابات.