اتساءل بين الحين والآخر: هل الفساد حالة طبيعية في أي مجتمع في العالم؟ وهل هو ظاهرة منتشرة في العالم حاله حال الانفلونزا الموسمية؟! ام ان تلك جُمل تبريرية لها اغراضها، ولا يجب ان تحكم الواقع؟ فالفساد حسب الدراسات والاحصاءات ينتشر فقط في المجتمعات التي لا تحكمها سلطة القانون! جميع المخالفات التي تحدث لهضم حقوق الآخرين تدخل في ملف الفساد، فسرقة الاموال العامة واستغلال النفوذ يعدان اكثر العوامل هدما للأمن والقانون في المجتمع، كذلك يدخل في الفساد الاستهتار بحياة الآخرين في الشوارع العامة، فقيادة ارعن لسيارته بسرعة جنونية وتعريضه حياة الآخرين للخطر دون عقاب ورادع فيه تقويض لاحترام سلطة القانون ودعوة للآخرين لان يتمردوا ويتحدوا القانون ويهمشوه ليتحول المجتمع الى اشبه ما يكون بالغابة. ثم يمر ذلك دون عقاب او مساءلة يفتح الباب لتكرار مثل هذه الممارسات على مدار السنة، وما يحدث من عدم مبالاة فيه اعلان سافر عن تحدي سلطة القانون في المجتمع.
كثيرا ما نتحدث عن الحرية وهي موجودة وعلى افق واسع لكن الحرية مصطلح قد يخلو في كثير من الاحيان من البراءة والنزاهة، فإطلاق الحرية كسلطة قد لا يختلف كثيرا عن مفهومها في مجتمع الغابة التي يملك الاقوى فيها حريته بينما تفقدها الكائنات الضعيفة، ومن المهم ان ندرك مبكرا ان القانون هو طريق الحرية الحقيقية وهو المحرض الاهم للتمسك بالاخلاق، واذا لم يوجد قانون لا توجد حرية فتصرفات الاشخاص تحت احكام القانون تصبح محددة وهو ما يمنح للآخر حق ان يتــــــمدد في ظل القانون الذي يُطبق على الجميع، أي انه ينــــعم بحرية مشروطة بعـــدم ايذاء الآخرين، وتكــــــمن قوة الدولة في احكام القوانين لا في نفوذ الاخرين.
نبض الضمير: «اغماض العين عن الحقيقة، لا يعني غيابها».
والله المستعان.