هم أبناء مخلصون لهذا البلد المعطاء ساروا على درب آبائهم وأجدادهم في الولاء المطلق، شعارهم في الحياة «الله ثم الوطن ثم الأمير» ربما البعض منهم لم يورث لهم آباؤهم سوى السيرة الحسنة والذكر الطيب، ولكنهم وطئوا بأقدامهم على الأشواك حافين الأقدام حتى أكملوا دراستهم الجامعية بتفوق مع مرتبة الشرف علما وأخلاقا، والبعض الآخر تجد والديهم ما زالا على قيد الحياة وقد تقاعدوا منذ سنوات طويلة وأيضا تجاوز هؤلاء الأبناء بمساعدة والديهم جميع عقبات الحياة وقساوتها وأنهوا دراستهم الجامعية بتفوق كبير وفي تخصصات نادرة يحتاجها البلد في جميع مؤسسات الدولة والأماكن الحيوية و«يا فرحة ما تمت» فقد صدمت تلك العجوز التي باعت صيغتها وتحملت من التعب والهم والدين وعماة العين سنوات طويلة ما لا يتحمله البشر في سبيل ان ترى ابنها في وظيفة تليق بالتعب، وأيضا ذلك الشايب الذي اخذ يعد الأيام والشهور والسنين حتى يتخرج ابنه أو ابنته الفائقان بتخصصاتهم النادرة ويتعينون في تلك الوظيفة؟! ولكنها أحلام اصطدمت بوباء المحسوبية والواسطة في مجال التوظيف وكأن تلك الوظائف ملك لبعض المسؤولين وإرث لهم ولأبنائهم وأقاربهم وهذا الأمر واقع مرير نعيشه منذ سنوات! و«ليزعل من يزعل» ويشرب ماء البحر حتى يرتوي من ان «بعض الجهات تحتكر الوظائف ولا ترى ان قيادة المجتمع لا تصح الا بمن يتبنى أفكارها » وهذه ام الكوارث واخواتها وأبناء عمومتها وهو إعطاء من ليس له حق في الوظيفة والتعيين والفائدة المعنوية أو المادية من أناس كانوا ينادون بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب وعندما وصلوا الى مبتغاهم تغيرت مبادئهم ويقلبون عاليها واطيها وهذا سبب رئيسي للفساد الاداري والمالي الذي نعيشه!
بيت القصيد: أنا من طرف فلان الفلاني أو ولد فلان الفلاني.. كلمة تفتح لك الأبواب وتسهل لك الصعاب.. هل ينكر أحد هذا الكلام؟
مجددا.. إن الواسطة والمحسوبية تعبر عن واقع مؤلم وأكثر أنواع الفساد شيوعا بالأوساط الإدارية ويمكن أن تلغي حقا أو تحق باطلا، ولهذا تعتبر فسادا يعاقب عليه القانون، لأنه اعتداء على حق الآخرين وعلى أسس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
وبالتالي، فإن آثار هذا الفساد لابد وأن تنعكس على المواطن، ما ذنب تلك «العجوز» الأرملة أو ذلك «الشايب» المتقاعد لتحطم أحلامهم برفض أبنائهم من كثير من الوظائف في أماكن أو جهات تحتاج تخصصاتهم النادرة لا يتوظف فيها سوى أبناء الذوات كما يطلقون هذا اللقب على أنفسهم والمصيبة ان شهادات محسوبياتهم ووساطتهم دون المستوى المطلوب ام يحسبون هذه الوظائف «الجنة» التي لا يدخلها إلا «ولد فلان الفلاني أو أنا من طرف فلان»؟ والله المستعان.