عشاق السيدة زينب بطلة كربلاء حفيدة المصطفى بنت أمير المؤمنين علي وبنت الزهراء فاطمة، أخت الحسن والحسين ورفيقة دربه (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) لا يكلّون ولا يملّون من تكرار زيارة مرقدها الشريف وإن اختلفت الروايات في مكانه سواء في القاهرة أو الشام، فهي على كل حال رمز وهاج لكل الشرفاء والأحرار من النساء والرجال الذين يرون فيها البطولة والشجاعة والزود عن الإسلام وأهله، حيث تنهمر على مرقدها الشريف هذه الجموع من أصقاع الدنيا ترى في عيونهم العَبرة وفي قلوبهم كلمات التوحيد لله تعالى والنبوة لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهم يرددون «السلام عليك يا بنت منهج دين الإسلام وصاحب القبلة والقرآن، السلام عليك أيتها الصديقة المرضية الفاضلة الرشيدة».
هكذا كانت زيارتنا الخاطفة إلى مقام السيدة في سورية، والتي لابد وأنت فيها أن تتسوق وتتجول في أسواقها العتيقة والتي تتناثر في محياها مزيد من المساجد والمزارات التاريخية التي تعود لأيام الدولة الأموية وما بعدها من الدول العباسية وأخصها الممالك والأيوبيين والعثمانيين حيث عبق التاريخ الإسلامي بكل أمجاده ومآسيه وبالأخص عندما تتجول في سوق الحميدية وما يتفرع منه إلى أسواق البزارين ومدحت باشا والخياطين التي في بعض دكاكينها وأبوابها وطريقة عرض بضائعها وكيفية جلوس البائع سواء على الأرض المفروشة بالبسط الصوف الملونة أو الوقوف وسط «تنك» مليء بالمواد الغذائية الحبوب والثمار والفواكه المجففة ومواد العطارة التي تملأ أنفك بروائحها الزاكية ولابد وبعد أن تزور المسجد الأموي حيث يقع خلفه مزار السيدة رقية بنت الإمام الحسين عليهما السلام، أن تبرد على قلبك بشيء من بوظة «بكداش» المغمورة بالكثير من الفستق الحلبي وإن كنت جائعا فأمامك سندويش الفلافل الشامي الغني بالمقبلات اللذيذة، أو عليك بالمناقيش الساخنة التي تذوب في فمك فتلحقها بالأخريات.. وإن أحسست بالتعب وتريد شيئا من الانتعاش البدني فأمامك حمام نور الدين الذي يرجع إلى أيام المماليك وقد تم ترميمه حيث تعلوه قبة في الوسط ولها أربعة أركان ذات مصطبات يجلس عليها المتحممون لنزع ملابسهم وارتدائها وحيث انت هناك تتذكر قباقب غوار الطوش فالقبقاب هي وسيلتك إلى الاستحمام في مياه العيون الساخنة قبل ان يتسلمك المفرك وبعد أن تمكث هنيهة في غرفة السونا، تم يتسلمك المدلك لعمل مساج فتخرج جديدا ولذلك لا تعجب إن رأيت من حولك بعض الشيبة الخليجيين بصحبة مرافقيهم لاعدادهم جيدا لحفل زفاف مجددا وأخيرا لا تنس نصيبك من الشاي المخمر (يعني المخدر على نار هادئة) تعقبها قهوة مرة عند مغادرتك للحمام.