عبدالهادي الصالح
في 9 من الشهر الجاري أصدرت 15 جمعية من جمعيات النفع العام إعلانا صحافيا عبرت فيه عن قلقها إزاء محاولات متكررة (على حد تعبير الإعلان) من قبل بعض أجهزة الدولة لتأخير وضبط نشاطها ووضعها تحت اشرافها المباشر!
وفي اعتقادنا ان لهذه الجمعيات وغيرها حق التعبير عن رؤاها ولها حريتها في تحديد مواقفها بغض النظر عن مدى مصداقية ذلك، كما ان للحكومة الحالية أجهزتها الإعلامية القادرة على توضيح مواقفها والدفاع عن قراراتها، ولست معنيا هنا بالحديث نيابة عنها، لكن ما يعنيني هو توضيح عما جاء في الإعلان السابق حول الهيكل الإداري الجديد المقترح لوزارة الدولة لشؤون مجلس الأمة أيام تولي حقيبة هذه الوزارة والذي تضمن إنشاء ادارة خاصة للتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني، حيث فسره الإعلان المذكور بأنه ضمن المحاولات للسيطرة على جمعيات النفع العام!
وللتاريخ أقول انه يشرفني انني كنت الوزير في الحكومة السابقة المبادرة لتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني واشراكها - ما أمكن - في صنع القرار الرسمي. ولما كانت منهجية الحكومة قبل اتخاذ القرار هي تشكيل لجان لدراسة المشاريع والمقترحات لاعطاء التوصيات المناسبة، فقد طالبت بأن تضم هذه اللجان دائما عناصر من هذه الجمعيات بحسب اختصاصاتها، حيث انها تمثل أبناء الكويت المتطوعين والمتخصصين المستقلين، وذلك تشجيعا على تفعيل دورها ونقلها من مدرج المتفرجين الى ساحةالواقع، وفي ذلك - بلا شك - إثراء للحوار الوطني الجاد.
ولقد كانت باكورة ذلك موافقة الحكومة، مشكورة، في اقتراحها الأول لضم بعض الجمعيات ذات الاختصاص الاقتصادي الى لجان التحقيق القضائي في تقارير ديوان المحاسبة بشأن التجاوزات في مشاريع الـ b.o.t.
كما ان الحكومة السابقة ومن منطلق السياسة الاصلاحية التي يدعمها سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وبالإذن من زميلي وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الشيخ صباح الخالد، وافقت على اقتراحي بدعوة جمعيات النفع العام للتداول في شأن عملية الاصلاح ومحاربة الفساد، حيث عقد هذا الاجتماع في مبنى مجلس الوزراء وحضر قرابة السبعين جمعية من جمعيات النفع العام حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة منها لتلقي أوراق من هذه الجمعيات تبين وجهة نظرها تجاه الموضوع المذكور ومدى قدرتها على تقديم العون العملي في هذا الشأن الوطني، وكانت مهمة اللجنة ان تنسق فيما بينها وتلخصها في ورقة واحدة تتضمن رؤية هذه الجمعيات لرفعها الى مجلس الوزراء الموقر، ولكن للأسف الشديد بعدما خرجنا من التجاوب الشديد في الاجتماع، لم نتسلم بعدها إلا بضع ورقات يتيمة لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليد الواحدة!
لكننا لم نيأس، وبمناسبة الشروع في إعادة تنظيم الهيكل الإداري لوزارة الدولة لشؤون مجلس الأمة والتي من اختصاصها اقتراح السياسة التشريعية للدولة وتطويرها، واجراء الأبحاث والدراسات في شأنها، فقد اقترحنا إنشاء ادارة خاصة تعنى بتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني التطوعي ومشاركتها في اقتراحاتها والمعاونة في اجراء البحوث والدراسات، مع الاحتفاظ بكامل استقلالية جمعيات النفع العام كما رسمها الدستور ونظمها القانون، وإني لآسف لهذا التجني الذي تضمنه الإعلان المذكور في شأن هذه الجزئية، والتي كنا نحاول جاهدين اعطاء دور أكبر لمؤسسات المجتمع المدني وفتح المجال أمامها للمشاركة في صناعة القرار الرسمي.
(لقد كان مقررا ان ينشر هذا المقال الأسبوع الماضي لولا أحداث سامراء المؤسفة التي فرضت المقال السابق).
- توفي الأسبوع الماضي مرجع إسلامي جليل وهو سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد الفاضل اللنكراني عن عمر يناهز الـ 78 قضاها في خدمة العلم والدين باحثا وأستاذا ومؤلفا، كما انه أسس مركزا علميا تحصينا لكل المذاهب الإسلامية، فرحمه الله تعالى وقدس نفسه الزكية.
وزير الدولة السابق لشؤون الأمة