عبدالهادي الصالح
وتحول الصراع الى فلسطيني - فلسطيني بعد ان كان ضد إسرائيل! التي هي الآن في اوج راحتها ومتعتها وهي ترى الإخوة الأعداء يتقاتلون نيابة عنها، وتتهاوى القضية الفلسطينية الى وادي الضعف السحيق!
ولا أعتقد ان اميركا والغرب وجل القيادات العربية حريصة على اعادة اللحمة بين النقيضين الفلسطينيين، فهم قد غصوا اصلا بحماس التي تورطوا بها عبر الانتخابات الديموقراطية، فحماس تحمل افكارا تقوض اي مشروع سلام او مشروع استسلامي!
مؤتمر شرم الشيخ الأخير والدعم الأميركي والأوروبي غير المحدود للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ومحاولة خنق حماس في قطاع غزة بمراسيم رئاسية كحل الميليشيات المسلحة وإعفاء المواطنين في غزة من دفع الضرائب والرسوم المالية... إلخ، كلها محاولات اصطدامية لن تقضي على حماس - كما يتصورون - بل على هذه الأطراف عدم التعالي على الحقيقة والتعامل بواقعية ان حماس واقع لا مفر منه، وهي تستند الى قاعدة شعبية عريضة أثبتتها الانتخابات بأنواعها لدى الشعب الفلسطيني، فالحرج الأكبر ان حماس قد وصلت الى سدة الحكم عبر الانتخابات والديموقراطية تلك الأداة التي طالما بشر بها الغربيون وأميركا شعوب العالم الثالث!
ان المشروع الجديد لخنق حماس ومحاولة إلغائها والتعامل معها كطرف مخرب وفوضوي لن يجدي نفعا لمشاريعهم، بل ان اي حوار وأي مشروع سياسي في هذا الشأن ينبغي ان يجرى مع حماس اعترافا بالواقع، بل ان محاولة إلغائها وخنقها سيعيد تجربة طالبان المرة في افغانستان مرة اخرى في فلسطين، وسيحولها الى قط شرس عندما يحاصر في الزاوية، ولابد هنا من التجاوب مع افكار ومواقف حماس لأنها نابعة من قناعة اكثرية الفلسطينيين وغيرهم من خارج فلسطين.
على الأقل حماس تتحدث الآن عن مشاريع سياسية، لكن من يدري غدا عندما تنزل تحت الأرض، هل تعيد تجربة حزب الله في لبنان بحرب العصابات ضد إسرائيل؟!
للأسف أميركا والدول الغربية تدفع اكثر نحو تشجيع الإرهاب وعمليات العنف عبر سياساتها الخرقاء، ولا تريد ان تعترف بالواقع الذي تكرهه، ان اي حديث حول اي حوار ينبغي ان يكون احد اطرافها الرئيسيين حماس. نحن هنا لا نريد ان نقلل من شأن «فتح» الطرف الفلسطيني الآخر ولا نريد هنا كذلك ان ننتصر لحماس والتسويق لأفكارها ومواقفها، وإنما ندفع نحو التعامل مع الواقعية ونبذ سياسة الإلغاء التي تمارسها هذا الدول بعد ان ورطتها سياسة تشجيع الديموقراطية والانتخابات الحرة!