إنه شخصية من آل بيت النبوة ومعدن الرسالة الامام التاسع في سلسلة اهل البيت عليهم السلام، ولد فـــي رمضان سنـــة 195 هـ، في رعاية ابيه الامام علي الرضا عليه السلام، وفي ظروف سياسية متوترة بين اقطاب الخلافة العباسية وبالتحديد بين الأمين والمأمون.
وكان هذا الاخير قد استدعى الامام الرضا الى «مرو» في خراسان واجبره على قبول ولاية العهد ـ كما بينا في مقال سابق هنا ـ وكان من ذلك ان بقي ولده الامام الجواد عليه السلام في المدينة وهو لايزال صبيا، ويبدو ان في ذلك فلسفة توحي بالحرص على ضمان بقاء خط الامامة في الامة.
وبالفعل فقد اغتيل ابوه (الامام الرضا عليه السلام) في خرسان، لتواجه الامة مشكلة حلول الامامة في صبي لم يتجاوز سبع سنوات من عمره فكيف يتحمل مسؤولية الامامة وشؤونها وهو في هذه السن الصغيرة. ولكن تألق الامام الجواد الفقهي والفكري في المحاججة والمناظرات اثبت جدارته وعاد الى الاذهان نبي الله تعالى عيسى عليه السلام عندما بعث رسولا نبيا وهو في المهد صبيا، وكذلك نبي الله تعالى يحيى عندما آتاه الله الحكم صبيا، وكعادة الخلفاء العباسيين في محاولة استقطاب الموالين لاهل البيت عليهم السلام فقد اقدم المأمون على تزويج ابنته ام الفضل من الامام الجواد عليه السلام مما اشعل المعارضة مرة اخرى في بيت الخلافة العباسية، لكن المأمون نظم مجلس مناظرة بين الامام الجواد عليه السلام، وبين العلماء والفقهاء في الدولة وعلى رأسهم قاضي الدولة العباسية يحيى بن اكثم، حيث ألجمهم الامام بأجوبته التي تدل على فقهه وعلمه الواسع، وكان من ذلك: ان سأل القاضي يحيى الامام الجواد: ما تقول في محرم قتل صيدا؟ فقال الامام عليه السلام: في حل ام حرم؟ عالما كان المحرم ام جاهلا؟ قتله عمدا ام خطأ؟ صغيرا كان القاتل ام كبيرا؟ عبدا ام حرا؟ مبتدئا بالقتل ام معيدا؟ من ذوات الطير كان الصيد ام من غيرها؟ من صغار الصيد كان ام من كبارها؟ مصرا على ما فعل ام نادما؟ بالليل كان قتله للصيد ام في النهار؟ محرما كان بالعمرة أم بالحج؟ فانقطع يحيى عن جوابه!
وهكذا هم آل النبي الائمة الكرام عليهم السلام اقطاب رائعة في الفقه والعقيدة والفكر الاسلامي بذلوا جهودا جبارة في حماية الاسلام والمسلمين من الانحرافات بصورها، ولكن مصيرهم ما بين محارب او مقتول او مسموم، وكان هذا مصير الامام الجواد في مثل هذه الايام سنة 220هـ.
[email protected]