عبدالهادي الصالح
منذ سقوط الدولة العثمانية اتجهت تركيا نحو العلمانية بمحاولة استبعاد المظاهر الاسلامية عن كيان الدولة وفصلها عن الدين. بعد مرور هذه السنوات الطويلة التي تناوبت عليها الأجيال التركية نجد تركيا اليوم وبقوة وبأغلبية برلمانية تتراجع وتستسلم لعودة الحجاب للمرأة التركية كرمز للتمسك بالشعائر الاسلامية في المدارس والجامعات التركية.
وفي العراق عمل النظام البعثي العراقي بقيادة المقبور صدام وزمرته الفاسدة عبر اكثر من 30 عاما لمحاربة الدين وقتل العلماء والتضييق على الحوزات العلمية الدينية ومنع مراسيم زيارة المرقد الحسيني المعروفة بالمواكب والقاء القبض على الشباب المتدين على الشبهة والظنة مما روّع العراقيين وأجبرهم على الهجرة الى خارج ديارهم. نجد هذه المظاهر الدينية الحسينية عادت مرة اخرى الى الشارع العراقي بمجرد سقوط ذلك النظام الهدام، وكأن كل الجرائم والمكائد الرهيبة لم تكن ذات أثر والعالم أجمع تابع هذه المظاهر الدينية في العراق، لاسيما في ذكرى عاشوراء في الأعوام الأخيرة.
وفي ايران الشاه كان يعمل على تغريب المجتمع الايراني لطمس هويته الاسلامية فعمل على تحجيم دور علماء الدين والتضييق عليهم مع تشجيع مظاهر الفساد والانحلال الأخلاقي وإتاحة حانات الخمور ومواخير البغاء الرسمي، لكن المجتمع الايراني المسلم سرعان ما لبّى نداء الروحاني آية الله الخميني وعمل على اسقاط امبراطورية الشاه الفاسدة.
وفي لبنان بلد الجمال والأناقة والنعومة بلاد الغناء والرقص والرخاء والسباحة.. إلخ، من كان يعلم ان تمريغ أنف اسرائيل قاهرة الدول العربية سيكون على أيدي هؤلاء اللبنانيين، وبالتحديد على يد المقاومة الاسلامية اللبنانية بقيادة حزب الله.
وفي فلسطين وعبر التضحيات الرهيبة في الصراع العربي - الاسرائيلي، ورغم العشرات من المنظمات ذات الهويات المختلفة من منطلقات شرقية وغربية عبر سنوات طويلة، نجد اليوم الفلسطينيين يصوتون في انتخاباتهم وعبر النظام الديموقراطي للهوية الاسلامية التي ترفعها حركة حماس، نجدهم يتفاعلون مع الاحتفالات والرموز السياسية الاسلامية الأخرى كيوم القدس في شهر رمضان وآية الله الخميني، رغم ان حتى صدام قد خدعهم عبر أكذوبته بأنه ينتصر للقدس عبر حروبه مع جيرانه الكويت وايران.
وقس على ذلك في بروز ظاهرة العودة للاسلام في مجتمعات عربية وغربية وشرقية كثيرة، مما يؤكد حقيقة ويستطيع لاعبو السياسة العالمية استيعابها ويصرون على ممارسة مظاهرها ورموزها تحت مبررات كثيرة معروفة، بل لعل أحد أسباب تنامي الارهاب والتطرف الديني هو هذا الموقف المتطرف من الأنظمة السياسية، تارة بكبح الحريات والانقلاب على نتائج الانتخابات النزيهة وتصنيف الحركات والتجمعات الاسلامية الحقة والنزيهة ضمن الحركات والتجمعات الارهابية التي تسمّت بالاسلام، والاسلام منها براء!
ألا تشجع هذه المواقف السياسية المتطرفة التي تخلط الحق بالباطل والغث بالسمين على مزيد من الكراهية والعنف مثل ذلك مثل القط عندما يحاصر في زاوية فيدعوه ذلك الى التخميش!