عبدالهادي الصالح
النواب يطالبون دائما الحكومة بتوخي الدراسة ومراعاة الأصول التنموية قبل اتخاذ قراراتها واقتراح مشاريعها، بينما لم نر أي دراسة أو أي حيثيات للمطالبة بزيادة 50 دينارا على الرواتب! لماذا لا تكون 70 دينارا أو 40 أو 100 دينار، على أي أساس تم تحديد الـ 50 دينارا.
هل نحن في سوق حراج للمزايدة؟ قناعتي ان وجود آلية تربط بين نسب ارتفاع الأسعار عامة في منشآتها طبقا لارتفاع أسعار المواد الأولية، وعلى رأسها النفط وارتفاع أسعار التأمين والشحن، إلخ.
مربوطة بنسب دخل الدولة بحيث تكون نسبة مئوية متغيرة تطرأ على الرواتب طبقا للنسبة المئوية الناتجة عن تلك المعادلة.
والا فان أي زيادة في الرواتب بصورة عشوائية لن يستفيد منها المواطن بقدر ما تذهب هباء في الأسواق، بل من المؤكد سيدفع الموظف للسلع الاستهلاكية أكثر مما يأخذه والنتيجة انه هو الخسران من زيادة الرواتب التي تستفز الأسواق نحو الارتفاع أكبر من حقيقة الارتفاع الحقيقي، ولن يجني المستهلك المواطن من النواب الا دغدغة مشاعرهم والفرح الطفولي دون وعي بالحسبة الواقعية للقوة الشرائية لراتبه الجديد.
ومن الصعب زيادة الرواتب بعد فترة وجيزة قد تزداد الأسعار مرة اخرى.
كما ينبغي تفعيل حملة توعية المستهلك بقوة حملة «ترشيد» لكهرباء مع تبسيط ملاحظات البنك الدولي لعموم الناس للاقتناع بالمصلحة الوطنية بعيدة المدى.
ولعل أهمها تغيير نمط المصروفات الحكومية الكمالية - ان صح التعبير - وترك تقاليد البذخ والاسراف في كثير من المظاهر التشريفية التي تثير حفيظة المواطن المثقل بأعباء المعيشة!
المطلوب من الجميع الجنوح نحو التهدئة فسكرة الاستفزاز راحت وجاءت الفكرة.
اتضح حتى الآن ان قضية حفل تأبين مغنية قد تحولت الى اتهامات خطيرة جدا مختزلة من أيام الثمانينيات حسب ما صرح به المتهمون والمحامون مما اعتبرت من مخلفات سموم اعلام هدام العراق التي كان يحرص المواطنون بعضهم على بعض تمهيدا للانقضاض على دولتنا وهو ما تم بالفعل في 2/8/1990.
ان القضية اليوم هي قضية وحدتنا الوطنية واعادة الحدث الى حجمه الأصلي في حفل التأبين دون التمدد في قضايا وأدها الزمن، كما ان الاتهام بإفشاء أخبار كاذبة عن الدولة أصبح غير ذي جدوى في ثورة الاتصالات والمعلومات والفضائيات والمواقع والمنتديات الالكترونية. وكان ينبغي على المشرع ان يعيد قراءته لهذه القوانين لتكيفها مع هذا الواقع الجديد الحلو المر!