عبدالهادي الصالح
لقد صادف يوم نعي المغفور له باذن الله سمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله يوما من ايام ممارسة الشعب الكويتي لحقه الدستوري في الانتخاب والترشيح للسلطة التشريعية حيث كان سموه احد الاعضاء البارزين في المجلس التأسيسي في عهد والده المغفور له الشيخ عبدالله السالم لاصدار الدستور، فيالها من صدف ان يفارقنا ابن ابي الدستور في يوم الدستور، ويحتضن ثرى الكويت جسد السعد في يوم سعدها يوم ممارسة استحقاق مواطنيها السياسي فيحزن الجميع وتبكيه الكويت، وقد قيل في اسباب تدني اقبال الناخبين نسبيا لمراكز الاقتراع هو حزن المواطنين لوفاة سمو الامير الوالد، وارى ان ذلك غير دقيق لأن الشخصيات الكبيرة عندما تموت اجسادها فإن افكارها وانجازاتها وطموحاتها تستمر وتتجذر، ولعل يوم الانتخاب هو احد افكار الشيخ سعد، رحمه الله، والمشارك في انجازه وطموحه في تجذيره لخدمة الكويت والكويتيين، لذلك يفترض ان هذا الحزن يتحول الى عمل تخليدي لهذا الفقيد الكبير.
للاسف لم احظ بالتشريف في العمل السياسي مع المغفور له سمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله الا من خلال ما يجرى من لقاءات طارئة بين مواطن ومسؤول كبير في الدولة، ومن بين ذلك، ما تم من تشكيل وفد شعبي للعمل من اجل تخفيف وحل مشكلة عرفت في وقته بـ «قضية مسجد شعبان» عام 1979 حيث تشرفت ان اكون احد أعضاء هذا الوفد الذي نظمه الوجيه والوزير الاسبق حبيب جوهر حيات، حيث وجدنا الشيخ سعد، رحمه الله، رجلا مسؤولا على قدر هذه المسؤولية، ينظر بأفق واسع ومستمع جيد ووجدناه ذا ثقة عالية جدا بمعاونيه وبنفسه يسجل الملاحظات، واذكر انه سجلها بورقة ووضعها في جيبه وقال سأطرحها غدا على مجلس الوزراء، وكان المغفور له وقتها وليا للعهد ورئيسا لمجلس الوزراء رحمه الله تعالى.
وان كنت فتى اذكره عندما تظاهر المواطنون امام قصر السيف في اعقاب استقلال الكويت 1961 عندما طالب المقبور العراقي عبدالكريم قاسم بضم الكويت الى العراق، والمواطنون كانوا يهتفون بصوت واحد «يا بوسالم اعطنا سلاح»، في اشارة للمغفور له سمو الشيخ عبدالله السالم، حيث اطل سموه من الشرفة يود مخاطبة شعبه في لقاء عفوي ومباشر، لذلك مهد لهذا الحديث ابنه المغفور له سمو الشيخ سعد بمخاطبة جموع المتظاهرين بمكبرة الصوت اليدوية يرجوهم الهدوء قليلا للاستماع الى حديث والده رحمهما الله، وهي صورة كثيرا ما تنشر في الصحف.
واللقاء الاخير حيث تشرفت بمقابلة المغفور له سمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله في قصره بالشعب في معية سمو رئيس مجلس الوزراء ونائبيه والوزراء أثناء الانتهاء من المراسم الرسمية لتسلم الحقائب الوزارية، فرغم مرضه الا انه حرص على استقبالنا بكل حرارة، ولم تفته قفشاته الضاحكة مع بعض الوزراء الذين تجمعهم به صداقة قديمة، وكان سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد يطلب منه توجيهاته بقوله «آمر يا صاحب السمو».
رحم الله الفقيد الكبير الذي هو بحق محبوب الكويتيين كلهم رغم اي اختلاف تاريخي قد حصل، مثلما يودون ويحبون آل الصباح الكرام كأسرة حاكمة اجمع عليها الشعب ولا يرى بديلا عنها.
وفقنا الله جميعا لخدمة الكويت واهل الكويت