عبدالهادي الصالح
لا أجد في وثيقة الدواوين المثارة حاليا اي كلمات تدعو صراحة الى الحل غير الدستوري او وأد الديموقراطية، بل فيها ما يدعو الى صيانة الدستور والممارسة الديموقراطية السليمة، واذا كان من يقرأ بين سطورها شيئا آخر، فليكن! هل من مشكلة كبرى ان يوجد من بيننا من له رأي مغاير في ممارستنا الدستورية وديموقراطيتنا، ليكن ذلك وهو متوقع، وينبغي ان يتوقع في مجتمع ينعم بحرية الرأي والتعبير عنه، ولتكن مثل هذه الآراء التي لا نحبها سببا للعمل من اجل تصويب الخلل في ممارساتنا تلك، او على الاقل نحو توافق وطني اكثر قناعة، إن ما نواجهه في مثل هذه الأزمة المصطنعة هو مشروع ارهاب للرأي الاخر وهو مرحلة جديدة في التدهور الحاصل في تنمية مجتمعنا الاخلاقية والسياسية، وكلنا نذكر كيف انقسم مجتمعنا الى قسمين، احدهما برتقالي والآخر ازرق في معرض مشروع نظام الدوائرالخمس حيث تم تبادل التخوين ووصم الرأي الآخر بالمخازي والعيوب وكانت البشرى بأن نتحول الى المدينة الفاضلة من خلال هذا النظام فتبين انه ألعن من نظام الـ 25 دائرة من حيث تكريس الفئوية وبيع الضمائر لدرجة وصلت الى العنف بين بعض القبائل ورجال الامن، وتم اقحام المرأة كوسيطة لقبض اثمان الاصوات، ثم ما سبق هذه الانتخابات من شحن طائفي بغيض حول ما قيل في حفل التأبين والدعوة الى التسفير واسقاط الجنسية، في تخط ونسيان للدولة القانونية والدستورية لقد كانت العلاقة بين الحكومة والمجلس علاقة متوترة في اجواء من الاحتقان المستمر في معظم الفصول والادوار التشريعية، ولها ما قد يبررها، ولكن نحن الآن نحو نقلة نوعية اخرى للاحتقان بين النسيج الشعبي ومؤسساته ونحو تبادل عدم الثقة بين ديموقراطية الدواوين والمجلس الديموقراطي والطعن في الضمائر.
ما يضير لو ان الدواوين الاخرى وثقت رأيها الاخر المختلف عن تفسيرات الوثيقة الاولى واكدت على معارضتها لاي حل غير دستوري صراحة، أليس ذلك ادعى لان نكون مجتمعا واعيا يحترم الرأي والرأي الاخر، ومن المؤسف ان هذا الارهاب قد اصاب البعض بالذعر والخوف من الالسن الطويلة فتراجعت واعتذرت أو انسحبت اواعطت تبريرات واهية وانسلت الا الشجعان.
كنا نتمنى ان يكون منطق بعض اعضاء مجلس الامة: انني اختلف مع رأي هذه الدواوين ولكنني مستعد ان ابذل دمي في سبيل حرية التعبير عن رأيكم.