عبدالهادي الصالح
الاحتقان والتأزيم السياسي هل أصبح ملازما للكويت من الداخل؟ لم يعد أحد يشك في ذلك ولا أحد يجادل فيه، بل أصبح التساؤل أو قل الاتهام الى من يوجه هل الى الحكومة أم الى المجلس (البرلمان)؟ من الإجحاف ان يوجه الاتهام لأحدهما دون الآخر، فهما شريكان في هذا التأزيم المزمن، ولعل القضية الأخيرة المثارة «استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء من قبل النائب أحمد المليفي» نموذج لهذه الشراكة بين السلطتين فمن الحق الدستوري أن يثير عضو مجلس الأمة رقابته على ملابسات حسابات ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء الذي اتخذ قرارا شجاعا بتحويله الى ديوان المحاسبة، وكان يفترض ان يعقب هذه بخطوة أخرى أكثر شجاعة بالمبادرة الى تشكيل لجنة دراسة تقرير الديوان واعداد ما من شأنه اصلاح اي خلل ووضع الاجراءات القانونية التي تحول دون تكرار الأخطاء ووضع تصورات عملية لرقابة ومحاسبة اكثر دقة بديوان سموه، وهي الخطوة التي اتخذها مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة ولكن بعد ماذا؟ بعد ان هدد النائب أحمد المليفي باستجواب سمو رئيس مجلس الوزراء وبالتالي فتحت الحكومة على نفسها سابقة جديدة في العمل البرلماني مؤداها انه من الممكن ان ترضخ الحكومة لمطالبات برلمانية مهما كانت موجعة في تكلفتها السياسية وغير السياسية اذا وصل الأمر الى استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء، وهو ما يجري أحيانا في التهديد باستجوابات بعض الوزراء عندما تصل المقايضات السياسية والتكسبية الى طريق مسدود، فكان يفترض أن تغلق الحكومة الباب على هذه الثغرة وتتعامل بشفافية تامة مع أي أخطاء تتصل بوظيفة ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء، خاصة ان التلويح بهذه الأداة قد تم إشهاره صراحة وأكثر من مرة على لسان بعض النواب والكتل البرلمانية أما القضية الأخرى التي ترادفت معها فهي قضية سحب الجنسية الكويتية من خمسة اشخاص فهي صورة لضعف القرار الحكومي وتردده مقابل تهديد النائب احمد المليفي والتي على اثرها تم تأجيل الاستجواب، فيبدو ان سحب الجنسية لم يكن بناء على اتهامات دامغة تجاه هؤلاء الاشخاص لأنهم قد مارسوا الغش والتدليس وانما كان بناء على الرغبة في ارضاء النائب الذي مارس حقه في الرقابة ولكن تكلفته قطع أرزاق وحق مكتسب مفترض دون ان يكون هناك تحقيق في شأنهم، ولذلك فإن هذه القضية برمتها هي تأكيد للشارع الكويتي ان الرقابة البرلمانية فعالة وان مثل هذه الوقائع ترسل رسالة الى كل من يشكك في مجلس الأمة بأنه لولا الرقابة لأفلتت مثل هذه التجاوزات التي أثبتها ديوان المحاسبة وبمبادرة وإقرار من الحكومة فهل يا ترى الحكومة تريد ان تؤكد على هذه الرسالة حتى الى الذين يشككون في النظام الدستوري؟