عبدالهادي الصالح
يعرف الوقف بأنه «حبس العين وتسبيل المنفعة»، وقد عرفه بصور مختلفة الانسان على مدى الحضارات السابقة كالفراعنة والبابليين والرومان وغيرهم، كما هو الحال لدى الأديان المختلفة، وهو ينطلق من فطرة الانسان وحبه لنفع الآخرين وميله نحو تخليد ذكراه لما بعد الموت.
وجاء الإسلام وهذبه ورشده ونظمه ضمن أحكام شرعية عرفها الفقهاء في كتبهم تحت عنوان «باب الأوقاف» وعمل الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وأهل بيته وصحابته «رضي الله عنهم» على ايقاف خيرات كالأراضي وآبار المياه واقامة المساجد وغيرها، ثم تطورت الأوقاف في مختلف عصور الدول الاسلامية المتتالية وكان لها الأثر الكبير في ازدهار الحضارة الاسلامية فكان منها المدارس والمكتبات والجامعات والبيمارستانات (المستشفيات) والخانقاه (دور لسكن الزهاد والصوفية) والتكيات وهي أشبه ما تكون بالفنادق لاستراحة المسافرين وكذلك هناك أوقاف للخدم والجاريات لتعويض قيمة ما يكسرونه بالخطأ من الأواني المنزلية، وأوقاف للمساعدة على التزويج وأخرى خاصة لاطعام قطط الشوارع وحظائر خاصة للحيوان الهرم، كما ان هناك أوقافا لازالة الحصى البارزة من طرق المشاة.. الخ.
أي ان الأوقاف شملت كل مناحي الحياة، لكن يبدو ان الأوقاف بدأت تتراجع لأسباب سياسية وتفشي الفساد الاداري ومحاولات التدخل بشروط الواقف الذي يستوجب الشرع الاسلامي التقيد به فـ «شرط الواقف كنص الشرع» لكن المخلصين لايزالوا يعملون لاعادة الوقف الى الصدارة، وللأمانة وبشهادة الباحثين هناك مؤسسات وقفية في العالم الإسلامي لاتزال تقوم بدورها وهي تتناغم مع مستجدات العصر، ولعل من أبرزها عندنا في الكويت «الأمانة العامة للأوقاف» التي أبدعت في صناديقها الوقفية المختلفة، كما انها ضمت قبل سنة ادارة الأوقاف الجعفرية لتكون شاهدا على روح التسامح والتعددية الدينية التي تحدثت عنها المادة 35 من الدستور الكويتي في احترام الشعائر الدينية وكان الفضل في ذلك بعد الله عز وجل لدعم صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه تعالى عندما كان سموه رئيسا لمجلس الوزراء فتفاعل مع رغبات شعبية في هذا الصدد.
واليوم تحتفل هذه الأمانة بالملتقى الجعفري الثالث تحت رعاية سموه حيث تستضيف ادارة الوقف الجعفري مجموعة من الضيوف من داخل وخارج الكويت الذين يمثلون خبرات فقهية (وكلاء المراجع الدينية) وخبرات قانونية وادارية ومتولين لمؤسسات وقفية حيث يناقش الجميع موضوع «مقاصد الواقفين.. تأهيل وتطوير» وتحت محاور شرعية وقانونية وإدارية، ولذلك فإن الدعوة مفتوحة للجميع في هذه التظاهرة الإسلامية الثقافية وذلك في صالة فندق الراية «كورت يارد ماريوت» من يوم 15 الى 17 الجاري، فالحضور دعم لهذه الشعيرة ودعم لهذه التعددية الوطنية الكويتية.