عبدالهادي الصالح
قد يوصف الخطاب الأخير لصاحب السمو الأمير ـ حفظه الله ـ بأنه قوي في صياغته الحازمة الحاسمة، وقد جاء في الوقت المناسب بعد ان بدا للبعض ان البلاد تعيش حالة من الفوضى السياسية، كل يشرّق ويغرّب، والناس تسأل عن قرار الحسم من القيادة التي بدورها اعطت الفرص للقوى الوطنية في شتى مواقعها لكي تعالج الامور من القاعدة تكريسا للديموقراطية ولكن دون جدوى، بل ان الامور ازدادت سوءا حتى كادت الناس تكفر بالديموقراطية وتلعن الحياة البرلمانية، حتى جاء النوخذة ليؤكد ان القيادة العليا لابد ان تقود بعد فشل تلك القوى الوطنية التي تعددت اتجاهاتها فلم تتوحد ولم تلم شملها في تشخيص واحد وقرار أوحد، بل كانت السهام متبادلة في كل حدب وصوب.
ان مشكلتنا في ثقافتنا السياسية التي بدأت تتمرس على التسيب وانتهاك المبادئ الدستورية واختراق القانون حتى من صنّاع القرار، الى ان بدأ المواطن يتيقن ان حقه لن يأخذه الا عبر الواسطات والمحسوبيات وان مظلوميته وكربته لا تفرج (بعد الله عزّ وجل) الا بالطرق الملتوية وعبر فزعة جماعته ان تغلبت على مكر وحيل الجماعات الاخرى، وكل منها مد خيوطه وحبائله في ردهات المؤسسات وما نجا منها الا العصاميون من المواطنين، في اعتقادي لابد من تبني ملاحظات وتوصيات صاحب السمو الامير والا فلا حل مجلس الامة ولا الانتخابات الجديدة ولا الحكومة الجديدة ستغير من حالنا، فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فالقانون لابد ان يسود على الجميع على نحو المساواة والعدل وتكافؤ الفرص وان نطبق تجريم الممارسات الرسمية قبل الشعبية التي تنتهك مواثيقنا الوطنية ايا كانت مسمياتها طبقا لاحدى خطب سموه في افتتاحات ادوار مجلس الامة.
واذا استتب كل ذلك فإن هيبة الدولة ستعود لتزين كل مسؤول مخلص وسينعم كل مواطن بالراحة والرفاهية وستتفرغ السلطات لمهامها الاصيلة في التشريع والتنفيذ دون مزاولة اعمال التفنن في اللعب السياسية التي يحاول كل من اطرافها ان يثبت شطارته و«يهبر» غنائمه دون وجه حق من مكاسب الدولة فنحن بحاجة الى هيبة الدولة القائمة على القانون وليس على ارهاب الجلاد او عنف الفوضى، فهما سواء.
العنوان مقتبـــس من احــــدى خطب جاسم الخرافي رئيس مجلس الامة الســابق سنة 2006.