رغم محطات الاحتقان السوداء التي شيدتها بعض الأنظمة السياسية العراقية البائدة مع الكويت، تواصل الكويتيون تاريخيا مع الشعب العراقي اجتماعيا وتجاريا ودينيا، حيث كان العراق يمثل لهم مصدر المياه العذبة وسلة المواد الغذائية، ومصدر استثمار زراعي وعقاري، وتطلعا نحو التعليم العالي، وما زالت العتبات المقدسة تمثل وجهة السياحة الدينية المهمة بعد الحرمين الشريفين.. الخ.
ولذلك لا مفر من اعتبار جمهورية العراق جارا مهما وإن جار يوما ما علينا وما يجري الآن في العراق الجديد يشكل حدثا مهما بالنسبة لنا، على الأقل بصفته العمق الحدودي الشمالي للكويت، في جوار محافظة عراقية كبرى ومهمة وهي البصرة.
ولذلك ينبغي قراءة المشهد الانتخابي العراقي الأخير قراءة واعية ومسؤولة.
وينبغي على الإعلام المحلي والعالمي أن يكف عن عملية تزوير الحقائق التي تستهدف فرض أجندة إقليمية، عبر دغدغة العواطف والمشاعر الدينية والعرقية، ويكفينا درس كذبة المقبور صدام حسين إبان خدعة حماية البوابة الشرقية من الفرس والتي كلفتنا كثيرا.
لقد زرنا العراق الجديد كثيرا - حال الكثيرين - فلم نجده كما يصوره الإعلام العالمي محض انفجارات ومفخخات في كل مكان، وساحة معارك طائفية وعرقية وسياسية طاحنة، وان كان العراق يعاني منها، لكن المشهد العراقي يحفل بإنجازات حضارية، وتحول نحو الحريات والحقوق ذات سقف عال جدا.
والانتخابات الأخيرة خير مثال للديموقراطية العراقية والتي كشفت نتائجها عن فشل ذريع لمحاولات القوى الخارجية والداخلية تشويه القيادة السياسية العراقية الفائزة للمرة الثالثة ممثلة بائتلاف دولة القانون واتهام رمزها رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بإقصاء وتهميش الطائفة السنية الكريمة، وبفشله إزاء الملف الأمني، وأنه منفذ للقرار الإيراني داخل العراق وتصاعد حملة التشويه ومحاولات خلق حالة الفوضى للتأثير على حرية اختيارات الشعب العراقي وهو يتجه نحو صناديق الاقتراع، التي جاءت نتائجها مفاجأة مخيبة للقوى التي أخطأت حساباتها السياسية بحسن نية، وكانت أيضا لطمة للقوى المتشددة ومن يساندها بسوء نية.
بل إن القواعد الشعبية لبعض هذه القوى عبرت عن غضبها وعدم رضاها عن خطاب وممارسة ساستها فحجبت عنها أصواتها، فتراجع ترتيبها الانتخابي تراجعا واضحا.
لا يعني ذلك خلو ائتلاف رئيس الوزراء من الأخطاء والتقصيرات سواء من خلال استراتيجياته وخططه التنفيذية العامة، أو من خلال الأجهزة والدوائر الحكومية التي تحت مسؤوليته مباشرة أو تلك التي يفترض أن تكون تحت إدارته، وتاتي اعترفا بها وتوعدا بعلاجها.
لكننا نعتقد انه مازالت العوائق كثيرة أمامه ما لم تقتنع تلك القوى بفشل خططها المناوئة وبإعادة النظر في مواقفها الإعلامية والسياسية، وان خيار الديموقراطية هو أفضل الخيارات المتاحة والتي وافق عليها جميع العراقيين.
وانه الباب الذي ينبغي ان يلجه من أراد التغيير نحو الأفضل بالبرنامج والفكر التنموي المقنع.
نقول كفى لتلك القوى التي لا تريد الخير للعراق الجديد التي يمثل اليوم رقما مهما في استقرار الإقليم وازدهاره.
[email protected]