لو صدقنا جدلا بأن ما يحدث الآن في شمال العراق من قتال واحتلال ما هو الا ثورة شعبية ضد حكومة المالكي الطائفية كونها تمارس الاقصاء والتهميش للمكونات السكانية الاخرى فهل يبرر ذلك تمرد القيادات السياسية والعسكرية على النظام الدستوري للدولة المتفق عليه بالاقتراع الشعبي الحر؟ ثم الاستنجاد بالأجنبي خارج اطار الدولة والتعاون معه للانقضاض على مؤسساتها وقتل او ذبح مواطنيهم بجريرة مخالفتهم لهم في الرأي السياسي او في العقيدة الدينية؟ هل ذلك يصلح لاعتماده كحق عام لكل من يشعر بالتهميش والإقصاء في اي مجتمع في العالم؟ وبموجبه يحق للأقليات التمرد ثم الاستنجاد بالخارج كدول وعصابات نظامية او ارهابية لتحقيق مبتغاها، مقابل تمكين هذا الاجنبي من فرض اجندته على الوطن والمواطنين؟ هل هذا يستقيم مع مفهوم المواطنة الصالحة، والاخلاص للوطن؟ الا يندرج تحت تهمة الخيانة العظمى؟
وينبغي عدم الخلط بالثورة الشعبية التي تنطلق من داخل الشعب المضطهد بأسره ولا يتمكن من التغيير عبر مؤسساته الديموقراطية، ودون ان يتورط بالتعاون مع عنصر خارجي باغ.
ما حدث في العراق يأتي مباشرة بعد عملية ديموقراطية اتيحت لكل الشعب العراقي ممارسة حقه السياسي في اختيار نوابه الى البرلمان.
ويبدو ان النتائج للمرة الثالثة لم ترق للبعض فكانوا فريسة للعناصر البعثية الموالية لنظام المقبور صدام حسين البائد بالتعاون مع القوى التي عقيدتها تكفير المخالفين لهم سياسيا او دينيا، بالإضافة الى حسن النية والثقة الزائدة بتوبة ايتام صدام واعطائهم الخيط والمخيط في شمال العراق.
يعني العملية برمتها خيانة وطن من الداخل، وانقضاض خارجي سافر على مؤسسات الدولة العراقية، وتمت تغطية هذه الجريمة الكبرى بغطاء الادعاء بما يسمى الثورة ضد التهميش والاقصاء الطائفي وذلك لمزيد من الدغدغة والحشد الطائفي في الاقليم الاسلامي والعربي.
ولكن علينا ان نحذر من هذه المكيدة التي لن تقف على الحدود العراقية بل ستتوسع لتشملنا نحن كذلك كما هو في مخططهم السقيم.
واذا هم نسوا، فنحن لا ننسى يوم خدعنا في الحرب الايرانية ـ العراقية ايام الثمانينيات من القرن الماضي عندما سوق قائدهم هدام العراق انها حرب العرب ضد الفرس، وانها البوابة الشرقية لتحرير فلسطين ثم مالبث ان رد كيده الى نحورنا لولا لطف الله ورحمته بنا.
لنحذر من ان نقف مع الظالم، والمؤمن ﻻ يلدغ من الجحر مرتين.
[email protected]