عندما تشتد العواصف وتعلو الامواج ويعظم الخطب، عندئذ ترفع الاكف الى بارئها وتلهج القلوب والالسن بالدعاء، ثم تشرئب الأعناق وترنو الابصار الى نوخذة السفينة ليرسم خارطة طريق النجاة.
هكذا نفهم توقيت خطاب صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد حفظه الله مساء الاربعاء الماضي والذي جاء مبكرا عن خطابه المعتاد خلال شهر رمضان. ورغم ما فيه من مضامين شخصت الواقع الداخلي وما به من أدواء، والخارجي الاقليمي وما يكتنفه من اخطار، وما وصفه الخطاب من دواء ومحصنات، وكلها جاءت بكلمات واضحة وحقائق شفافة، اﻻ انه يمكننا ان نقرأ بين السطور مزيدا من المعاني والمرامي المهمة، ومن ذلك ما يلي:
1 ـ وصل القلق العام الذي يعيشه المواطنون ازاء الاتهامات المتبادلة بين النخب، التي يفترض فيها الحس والمسؤولية الوطنية، الى وتيرة عالية تهدد اللحمة الوطنية بالتمزق، وكسر الثقة المتبقية في مؤسساتنا الدستورية، وبالتالي كان على القيادة ان توصل رسالة بعلمها واحاطتها بمجريات الوضع العام، وانها بصدد وضع النقاط على الحروف.
2 ـ وكذلك كانت للاحداث السياسية والعسكرية من حولنا انعكاساتها السلبية بحيث وجدت من يتبناها بالسر والعلن، بالدعم بصوره المختلفة، ما يشكل خطرا محدقا على الجبهة الداخلية التي تمثل دائما الحصن الاول للوطن.
3 ـ استطاعت الديوانية التي دأب صاحب السمو مؤخرا على استقبال ثلة من المواطنين صباح كل يوم ثلاثاء في قصر بيان، استطاعت توصيل هموم الشارع الكويتي لابي السلطات وبشكل مباشر وصريح، وكنت شاهدا ومشاركا بالتشرف بحضور هذه الديوانية العامرة، وهذا ما ألمح له صاحب السمو في خطابه هذا.
4 ـ المواطنون الذين يلمسون الفساد لمس اليد يتحملون مسؤولية المشاركة في مكافحته عبر الاشهاد عليه بالطرق القانونية وبوصفه واجبا شرعيا، وعدم الاكتفاء بالتذمر والتبرير بهوس سرعة انجاز المعاملة بأي ثمن، وان الدنيا كلها فساد... الخ، لم يعد ذلك مقبولا بل ان السكوت والتهاون هما شراكة ودعم للفساد وأربابه. والكرة الآن في مرمى المواطن.
5 ـ ينبغي الاستشعار بنعمة الامن والامان اللتين تعدان الحلم الذي يحلم به كثير من شعوب العالم القريب منا والبعيد، والواقعة تحت نير الظالمين من الانظمة الدكتاتورية القمعية او في مرمى الجماعات الارهابية. ولذلك علينا الحمد والشكر باللسان والقلب والجوارح، وذلك بتسخيرها بالنصح وعدم المشاركة بالفساد والامتناع عن دعم الظالمين، لان للمظلوم دعوة لا ترد عند الله تعالى.
6 ـ على السلطات في الدولة ان تقوم بمسؤوليتها، فهي محل القدوة، وخاصة التشريعية والتنفيذية، وعدم التهاون مع الفساد او المهادنة مع الفساد، او اتباع وسائل الالتفاف على القوانين واللوائح لتنفيع الاقارب والاصدقاء او مشاركتهم بالكيكة المحرمة تحت اسماء وهمية او عبر تحويلات ماكرة او آليات خبيثة. فلم يعد ذلك خافيا على وسائل الرصد والمتابعة العالمية المختلفة وان كانت تحتاج الى التكييف القانوني وتحت المسؤولية الجنائية في حالة ثبوت التدليس والتزييف.
وغيرها من القراءات.. ولكن نكتفي بهذا القدر.
للجميع: مبارك عليكم الشهر، وأعاننا الله على صيامه وقيامه وتلاوة كتابه سبحانه وتعالى.
[email protected]