عبدالهادي الصالح
تشبّعت الساحة المحلية بتنظيرات حول التأزيم السياسي بين الحكومة والمجلس وبعارين الفساد والأخطاء لكل منهما!
لكن آن الأوان لأن نسمع عن برامج أو مناهج عن كيفية إدارة هذا التأزيم ثم القضاء عليه، فليس من المعقول ان تضغط الأجواء اليوم نحو اسكات صوت الرقابة على الحكومة في سبيل إرضاء الناس الذين يتهمون النواب باستعمال الاستجوابات لدرجة التأزيم، مثلما لا يمكن استباق الإرادة السياسية للبلاد في حقها باختيار رئيس الحكومة المقبل والتدخل في التشكيل الوزاري، في سبيل إرضاء من يتهم الحكومة بأنها وراء كل المصائب التي نمر بها! الكل الآن يجمع على ان هناك صراعات خفية هي المحرك من وراء هذا التأزيم وان بعض أبطال هذا التأزيم ما هم الا ممثلون على المسرح السياسي لمن هم خلف الكواليس، هكذا يتحدث من لهم عروق في ماي المجلس والحكومة! وإذا كان هذا صحيحا، فأعتقد ان التأزم سيستمر، ولن يقف أمامه تغيير بعض الوجوه البرلمانية!
لابد من معالجة أصل مشكلة التأزيم السياسي: هناك من يشير الى بعض المتنفذين وإلى أصحاب المصالح والى المتضررين من العمل الدستوري وإلى الإعلام المؤجج للصدام والفتن... إلخ، الآن نحن تحت تهديد تكريس الفئوية بكل أشكالها بسبب النظام الانتخابي، لابد من التنظير لهذه المشكلة ووضع أسس معالجتها. وأعتقد ان هذا هو الميدان الذي سيميز مرشحا عن مرشح آخر في مدى معقوليات أطروحاته تجاه هذا الأمر بكل صراحة وشفافية!
ومن المؤسف ان الضغط الشعبي أجبر بعض النواب السابقين المرشحين الحاليين على التنصل من بطولاتهم في التأزيم وأخذوا يتهمون الآخرين الأشباح ثم يتباكون على وضعنا السياسي السيئ، فهم كمن يقتل القتيل ويمشي في جنازته! كان الصوت العالي قبل وقت طويل للمطالبة بالخطط التنموية التي طالما تقاعست عنها الحكومة، ولكن الصوت العالي الآن نحو كيفية انهاء التأزيم وهي خطوة تسبق كثيرا مرحلة الخطة التنموية أي نحن تراجعنا القهقر نحو الخلف.
ليس هذا تشاؤما بقدر حاجتنا الى تشخيص أساس مشكلتنا والتفاؤل لوضع أسس المعالجة، التنطع بالدستور ليس كافيا، بل لابد من الحكمة في التعاطي السياسي الرشيد الذي يستخدم أدواته في وقتها المناسب لقطف العنب دون ان يضطر الى قتل الناطور.