من أهم ركائز المجلس الحسيني (الحسينية) هو المنبر، فهو آلة التوجيه والتربية والإعلام، حيث تمزج القراءة الحسينية بين التفسير والعقيدة والفقه والأخلاق مع السيرة والتاريخ والأدب وانعكاساتها على واقعنا اليوم، في مكان يهرع الناس إليه بشغف، وبتلقائية دون أي دعوات عامة أو خاصة، فيتواجد الشيخ الكبير والطفل الصغير، والرجال والنساء ـ بنظام منفصل ـ وبمختلف المستويات التعليمية والاجتماعية والمهنية. ولذلك عدت الحسينية أحد الأسباب المهمة في إبقاء جذوة نار العشق الحسيني رغم مرور اكثر من 14 قرنا تقريبا على واقعة كربلاء، ورغم توافر وسهولة أنواع التواصل الإلكتروني اليوم التي تهدد كل الوسائل الإعلامية بالإفلاس الجماهيري وخاصة الشباب، فإن الحسينية حافظت على رونقها وقوتها لأن عشاق الحسين عليه السلام يرونها مكان اللقاء الإلزامي من دون إلزام.
أمام هذه الحقيقة لا بد من الالتفات إلى من يرتقي أعود هذا المنبر، وأهمية مؤهلاته الشرعية والعلمية، وما إذا كانت له منطلقات وتوجهات يريد ترويجها، ولكن ـ ولله الحمد والشكر ـ ان القائمين على الحسينيات يملكون الوعي والإدراك الكافي لاختيار الخطيب المناسب، وكذلك الخطباء فالغالبية يدركون أن الكويت بلد الحريات الدستورية وطبيعة النسيج الوطني والضوابط القانونية لتلك الحريات الأمر الذي من خلاله ساهمت الحسينيات الكويتية في رعاية والارتقاء بالقراءة الحسينية، والعمل على إشهار كبار خطباء المنبر الحسيني على مستوى العالم.
ومع الإقرار بفضل وعطاء هؤلاء الخطباء الجهابذة والمخلصون، لكن يحق للمواطن الكويتي أن يتساءل: أين الخطيب الكويتي، ولماذا هو شبه مفقود، وإذا توافر فعددهم لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة والأمر الذي يؤكد الحاجة إلى الخطيب الوطني.
إن التعقيدات الأمنية الإقليمية التي تصعب من إجراءات الدخول إلى الكويت، جعل بعض المجالس الحسينية تعيش الحرج لخلوها من خطيب حتى بداية موسم عاشوراء، واضطر بعض الخطباء لقراءة مجالس عديدة في الليلة الواحدة، مما أثر على مستوى الأداء من فرط الإرهاق والتعب فلماذا لا تساهم الدولة بالسماح لإقامة معهد للخطابة الحسينية بالاستعانة بكبار أساتذة الحوزات العلمية لتأهيل الشباب الكويتي شرعيا وعلميا وتعليمهم فنون الخطابة الحسينية.
إننا نفخر بالشباب الكويتي الذي يتأهل لكل التخصصات العلية والمهنية، فلماذا لا نعمل على تأهيله لاعتلاء المنبر الحسيني؟ فهو أخبر وأعلم بقضاياه المحلية وربطها بالقضية الإصلاحية التي نادى لها الإمام الحسين عليه السلام لأمة جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وفي كل الأحوال لا يعني ذلك الدعوة الى التعصب للخطيب الوطني والاستغناء عن الخطيب غير الكويتي.
[email protected]