عبدالهادي الصالح
كثرت تحليلات الانتخابات الأخيرة التي غالبا ما تعكس توجهات كاتبها، وأصوبها ما كان معتمدا على الأرقام وعلى جداول المشتركات بين المرشحين وهذا ما لم يظهر حتى الآن، ومن الواضح ان الناخب اتجه الى المستقلين أكثر، وأنا أشخص ذلك على انه حالة انفعالية ازاء فشل التجمعات السياسية في وضع حد للتأزم المستمر بين السلطتين، لا أعتقد انها حالة مستقرة، فمن المعلوم ان القوى السياسية لها بصماتها الواضحة في تاريخ الكويت السياسي القديم والحديث، وكان لها الدور الفعال في حماية الدستور والتنسيق داخل الكويت وخارجها لدحر العدوان الصدامي في أغسطس 1991، وكذلك لها مواقفها المشرفة في حفظ وحماية المال العام والثروة الوطنية وغيرها، علاوة على حقيقة ان العمل السياسي لا يكون مجديا ومؤثرا الا عبر العمل الجماعي، وهي حالة انسانية موجودة في أصقاع العالم، نعم ان الحالة الحزبية قد لا تناسب المجتمع الكويتي لأسباب عدة، لاسيما ان صورة الأحزاب العربية مخجلة مليئة بالخيانات والفساد والعنف ضد معارضيها.
ومن المهم الان ان ننظر الى الأمام مستفيدين من تجربة الماضي المليئة بالدروس للحكومة وللمجلس على حد سواء، فقد تبين ان الحكومة كانت تعاني الخوف من الوهم فأصبحت أداة الاستجواب فزاعة للتردد والانسحاب بيد بعض النواب، حيث اتضح انهم نمور من ورق.
كما على الحكومة ان تحصن قراراتها عبر المؤسسات التي يعوّل عليها النواب كلجنة المناقصات وديوان المحاسبة قبل ان تحيله الى مجلس الأمة.
اما النواب فعليهم ان يتذكروا ان غايتهم هو العنب وليس قتل الناطور، وأي وسيلة تأتي بالعنب ولو عبر المدى البعيد خير من ألا يأتي العنب أبدا. ولا جدال في ان أولوياتنا كثيرة في ظل تراجع التنمية لدينا وسوء الخدمات والمرافق الحكومية، لكن من المؤكد ان هناك حالة من تزعزع الثقة بالديموقراطية والعمل البرلماني الممثل بمجلس الأمة، وهناك تململ من العمل الدستوري، وهذا ما عبر عنه تراجع نسبة المقترعين الى 58% مما يعني ان من أولويات الحكومة والمجلس ان يعيدا الثقة بنهجنا الدستوري، وان يؤمن الشارع الكويتي بأنه بذلك يمارس حقه في صناعة القرار السياسي الذي هو مفتاح معالجة مشاكلنا وقضايانا وان ما حدث هو سوء استخدام للأدوات الرقابية وفشل في صناعة القانون المناسب، وتنفيذه يعكس النفوس وليس النصوص الدستورية.