عبدالهادي الصالح
ثمة عاطفة تشد المجتمع الإسلامي عموما بشخص أوباما الرئيس الأميركي كونه أسود اللون ومن أصول أفريقية وهي رمز للإنسان المضطهد، وبإمكانه الانتصار لهذا الاضطهاد الذي يتجرعه عادة العالمان الإسلامي والعربي من ساسة الغرب وأميركا، كما ان اصوله الإسلامية تضيف شيئا لهذا الانجذاب، ومهما بالغ المتشائمون والحذرون فإن هناك قناعة بوجود أساس لحسن النية عند أوباما.
جرعة العبارات القرآنية في خطابه الأخير لم تكن شيئا جديدا في الخطاب الرئاسي الأميركي منذ اتفاق كامب ديڤيد عندما ردد الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر آيات (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) بوجود الرئيس المصري السابق أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحم بيغن، وهكذا توالت العبارات الإسلامية، وقد حاول أوباما أن يتقرب أكثر بزيادة هذه الجرعة في خطابه الأخير والذي ضمنه مواقف وسطية تتفهم الثقافة الإسلامية تارة وتعذرها تارة أخرى، متعاطفا أكثر من أي وقت مضى مع الملف الفلسطيني وملف الحريات والديموقراطية وملف إيران النووي السلمي وغيره.
يقال ان السياسة الأميركية لا تصيغها شخصية الرئيس الفردية ولكن تصنعها وتصيغها مؤسسة الإدارة الأميركية الجماعية، ولذلك ينبغي الإقرار بأن هناك خطوط حمراء لا يمكن المساس بها مهما حاول أوباما أن يحق الحق بقناعته الشخصية، وإذا صح ذلك فعلينا أن نكون واقعيين وألا نتوقع من أوباما أن يختصم إسرائيل خصومة حادة من أجل عيون العرب والمسلمين ونتمنى أن يصمد في أفعاله بإجبار إسرائيل على وقف بناء المستوطنات الإسرائيلية وإلزامها بصيغة الدولتين التي يرفضها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو (رغم التحفظ على هذه الصيغة)، وهل يمكن لأوباما أن يخاصم الدول الحليفة لأميركا ومنها نماذج لانتهاك حقوق الإنسان من الحريات والديموقراطية.. الخ.
خطاب جميل مزين بعبق القرآن الكريم ونخشى ان تمر الأيام دون أن يلمس هؤلاء المسلمون شيئا عندئذ على أوباما أن يتوقع أن يرد عليه المجتمع الإسلامي المتعاطف معه الآية القرآنية: (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ـ الصف:3) باختصار: إن تاريخ السياسة الأميركية كان ومازال في انحياز شديد لإسرائيل ضد مصالح العالمين العربي والإسلامي ومن الصعوبة تبدل هذه القناعة، وإذا كان أوباما يعد بشيء آخر فعلينا أن نتفاءل بحذر، ولو جاء بشيء قليل، فعلينا أن نتبع سياسة «خذ وطالب».