إذاعة لندن العربية تطرح نفسها أنها حيادية، مستقلة عن الحكومة البريطانية، ميزانيتها المالية من الضرائب الشعبية. لكنها متهمة بأنها تمثل الخبث السياسي الانجليزي، فهي تدس السم بالعسل الآن مر على ميلادها 77 عاما، ومهما اتفقنا أو اختلفنا حول ذلك، إلا أنه يكفي أن تفتح نوافذ سيارتك عند الوقوف عند إشارة المرور إلا وتسمع «هنا لندن» من راديوهات السيارات من حولك وعندما ترتاد الديوانية في المساء، خاصة في وقت الأحداث والأزمات العالمية، تجد أخبار الـ «بي بي سي» السيد حاضرة.
جمهورها حول العالم عريض وكثيف، وهي مصدر التأكد من صحة الخبر عند كثير من الناس ولا مناص من هذه الحقيقة. آباؤنا وأجدادنا يتحدثون عن اذاعة لندن في أوائل عهد الكويت بالراديو، وكيف كان حرصهم على متابعة أخبار الحرب العالمية الثانية، وحرب احتلال فلسطين، وخطابات جمال عبد الناصر، وانقلابات سورية، ومتابعة وصول آية الله الإمام الخميني إلى طهران، واندلاع الحرب الإيرانية العراقية، وكلنا تابعنا بشغف وحماس وقلق التحرك العالمي لتحرير الكويت من الاحتلال البعثي العراقي..ولا يزال صدى صوت مراسلهم من واشنطن وفيق رمضان يتردد في الأذن الكويتية وأذكر أثناء الأسر في معتقلات الموصل كنا قد هربنا راديو صغيرا نتابع منه أخبار لندن عن تحرير مواطنينا الأسرى من معتقلات البصرة.
حاولت بعض الاذاعات والفضائيات العربية أن تضاهي الـ «بي بي سي» بشيء من الموضوعية والحيادية لتكسب شيئا من الجمهور العربي وصرفت في ذلك الأموال الطائلة، ولكن سرعان ما عادت وارتمت في أحضان سياسة النظام العربي فيما يحب ويكره ويبغض ويحقد وينتقم على المكشوف بغير ذكاء ولا حرفنة إعلامية، وأصبحت طرفا في الصراع الإعلامي الكريه على الأقل لو بقوا على شيء من ذرابة البي بي سي وان كان ملغما.
[email protected]