هكذا وصف وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد في جلسة مجلس الأمة الأخيرة بوصلة الكويت تجاه الوضع الإقليمي الملتهب، وهو الموقف الحكيم الذي أشاد به نسبة كبيرة من المواطنين في استقصاء صحافي في وقت سابق.
لنقر بأن إيران تشكل محور القلق والخوف من سياستها الإقليمية، وهذا بدأ منذ انتصار الثورة الإسلامية فيها بقيادة الإمام الخميني، ومن الطبيعي أن الثورة الشعبية تحتاج إلى وقت للاستقرار ولتنظيف صفوفها من المتطرفين والمندسين، وبدلا من احتوائها بالحوار والعلاقات الحميمية، تمت مواجهتها بالحرب الإيرانية ـ العراقية لثماني سنوات. ثم تواصلت الحملة العالمية ضدها كونها مخربة لخطة التسالم العربي ـ الإسرائيلي. وما كادت إيران تقف على رجليها حتى تم شربكتها بالملف النووي وتبعاته من الحصار الاقتصادي الحديدي المستمر حتى الآن. وبدلا من أن تظهر إيران ضعفا واستمالة للتنازلات، بدت إيران أقوى وأشد وأكثر نموا، حتى ان أميركا اعترفت بذلك أمام الضغوطات الإسرائيلية لعدم معالجة الملف الإيراني.
لكن الأخطر في ذلك الملف الأخير هو إشعال الوقود الطائفي الإقليمي والذي سخرت له كل الطاقات لتدمير كل ذات صلة بالمشتركات مع ايران، التي اصبحت مشبكا تعلق عليه كل القضايا المزعجة ومتنفسا للجماعات السياسية الدينية لتبرير تطرفها، أو لرفع القيود القانونية عنها.
توجه الاتهامات إلى بعض النشاطات السياسية بأنها موالية أو على الأقل متعاطفة مع إيران لكن لماذا لا نسأل انفسنا: لماذا حدث ذلك؟ بغداد ـ مثلا ـ اطلقت صيحات النجدة ضد هجوم داعش، ولم يجبها في ذلك إلا إيران.
هذه التجارب المريرة والفاشلة مع إيران، ألا تدعونا الى التأمل والتفكير في إيران كواقع ينبغي التأقلم معه كما تفعل أميركا الآن، ثم تجربة المسار المعاكس للأول، ببناء جاد في العلاقات الأخوية مع إيران في الباطن والظاهر وإشراكها في المشاريع التنموية ذات الأبعاد الاقتصادية والإنسانية؟
من المفهوم أن هناك ضغوطات قاهرة وهائلة عالمية وإقليمية تحول دون التحول إلى هذا المسار، ولذلك يستمر الوضع الملتهب حولنا، ومن الحكمة أن تعتمد الكويت في ذلك سياسة الاعتدال والاتزان، مما جعلها دولة أمان واستقرار بحول الله تعالى وقوته.
[email protected]