مازالت صور الصبا معه في مخيلتي، ملامحها الجدية والهدفية في حياته هي الأبرز.
ربما قادته هذه إلى الكلية الصناعية.
لكن حادثة «الصامتة» عام 1973 يبدو انها حركت فيه الحمية الوطنية فقادته الى الانخراط في الجيش عبر الكلية العسكرية، الذين ربما لمسوا فيه الدقة والإبداع، فابتعثوه لدراسة التصوير العسكري الجوي في أميركا.
وبعد تخرجه استمر في القوة الجوية الكويتية، يطير مع الطيارين للتصوير، ولم يكابر في القيام بالأعمال اليدوية رغم انه ضابط، قبل ان يتقاعد برتبة لواء سنة 2008.
كان، رحمه الله، محبوبا عند الجميع الرؤساء والمرؤوسين، وكان عطوفا متواضعا مع الجنود الذين عملوا معه.
ينطلق في ذلك من تدينه الفطري، ومن ثقافته الإسلامية المولعة بحب أهل البيت وأدبهم الجم عليهم السلام.
كان يجول في منابرهم الاحتفالية ومجالسهم الحسينية أينما كانت، داخل البلاد وخارجها. فكثيرا ما حج وأدى العمرة وحرص على زيارة المدينة، حيث مراقد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأصحابه الميامين، رضوان الله عليهم.
وكثيرا أيضا ما زار مراقد أهل البيت وآخرها زيارة الأربعين للإمام الحسين عليه السلام في كربلاء.
يهتم بأسرته وكان اليد اليمنى لزوجته المخلصة أم صالح (ألهمها الله الصبر) وحنونا لقضاء حاجات المعوزين من عائلته وخارجها.
وكان عطوفا جدا وخاصة مع الأطفال، لاسيما أطفاله أو أطفال أخوته وأحفادهم وكان دائما يأخذهم للترفيه ويشتري لهم الحلويات ويقص عليهم القصص الدينية والمسلية.
ولا ينقص ذلك من جديته وتفانيه الوطني، قام بوجبه العسكري أثناء الغزو الغاشم حتى تم اسره ورحل إلى العراق قبل أن يعود بعد التحرير.
كان، رحمه الله، يحرص أشد الحرص على تعليم أبنائه وأحفاده على حب الكويت والتفاني من اجلها ويهتم كثيرا بحضور الاحتفالات الوطنية والمشاركة والتفاعل.
استشهد على ارض الكويت داخل جامع الإمام الصادق عليه السلام في شهر رمضان في يوم الجمعة مغتسلا ملبيا لنداء الصلاة ساجدا لله سبحانه وتعالى صائما جائعا عطشان.
وهو ما كان يعجبه في الإمام علي عليه السلام الذي استشهد في رمضان صائما مصليا في مسجد الكوفة.
وكذلك في الإمام الحسين عليه السلام استشهد عطشان مظلوما في أرض كرباء.
طالب محمد الصالح ترقيت الى رتبة اللواء، وأراد ربك ان يرقيك الى درجة الشهادة، فهنيئا لك، فأنت قد مضيت الى ما تحب والى ما ترضى. أما نحن جميعا فقلوبنا لتحزن على فراقكم جميعا ايها الشهداء السعداء.
[email protected]