عبدالهادي الصالح
غالبا ما يضرب المثل بالوزير الياباني الذي استقال من منصبه فور تحطم الطائرة كنموذج يحتذى في التعبير عن تحمل المسؤولية السياسية، رغم أن هذا الوزير غير معني بالأسباب الفنية التي أدت إلى الحادث الأليم، ويتكرر هذا النموذج في الدول الديموقراطية الغربية، ويطالب بعض النواب عندنا بهذا النموذج إزاء أي حادث أو قضية سلبية طارئة للمطالبة بتقديم الوزير استقالته رغم انه غير معني بأسبابها الفنية، وهذا ما يحصل الآن إزاء وزير الصحة بسبب إنفلونزا الخنازير، ووزير الأشغال العامة بسبب انهيار محطة الصرف الصحي في مشرف ومع حفظ حق أعضاء البرلمان في ممارسة دورهم الرقابي على أعضاء الحكومة واستعمال أدواتهم الدستورية في هذا الشأن، ولكن للإنصاف هل يمكن تطبيق النموذج الياباني على الوزير الكويتي؟
إن الوزير الياباني أو الغربي غالبا ما ينعم باستقرار وزاري يمتد لسنوات أو على الأقل استقرار الحزب السياسي الفائز بالانتخابات العامة في إدارته للحكومة، مما يعطي هذا الوزير مجالا للتعرف على نقاط القوة والضعف في أجهزة الوزارة ويضع الخطة لمعالجة القصور ضمن منهاج مستقى من الخطة العامة للحكومة، ويتابعها ويراقبها عن قرب، والعامل الزمني الممتد نسبيا له دوره في نجاح الوزير لأداء مسؤوليته الوزارية كما أن الوزير الياباني أو الغربي مستقل بشؤون وزارته فلا يتعرض للتدخلات البرلمانية لتعيين أو إقالة قيادي وموظفي وزارته وبعيدا عن التجاذبات الفئوية للضغط من أجل تمرير هذه المعاملة أو غض النظر عن هذا التجاوز، ولذلك فهو يتحمل مسؤولية مساعديه في إدارة شؤون وزارته! وهناك أوجه أخرى للمقارنة، ولكن هل ينعم الوزير الكويتي بعنصر الاستقرار الوزاري أو الاستقلال في تعيين وإقالة قيادي وموظفي وزارته ضمن أسباب تدخل في صلاحياته القانونية، فالاستقرار الوزاري عندنا معدوم، فهل يمكن للوزير أن يتعرف ويعالج ويطور وزارته في بضعة شهور معدودة وهي متوسط عمر الوزارة عندنا وهل يكف النواب عندنا عن التدخل والتهديد لتعيين وإقالة قيادي الوزارة وموظفيها بالواسطات والمحسوبيات الفئوية؟! وهم يمارسون الضغوطات والتهديدات والمعارك الاستعراضية من أجل غض الطرف عن ج```يش من الموظفين الوهميين أو الموظفين الذين لا مؤهلات لديهم إلا انتماءاتهم لفئة هذا النائب أو ذاك.
وواضح للعيان عبر التلفزيون ملفات النواب وهي تتراكم أمام الوزير للتوقيع عليها لمزيد من التكسب الانتخابي. فأساس البلاء من هذه الثقافة البرلمانية المخربة للأداء الفني المتقن في معظم الوزارات وللأسف ان ذلك يحدث تحت علم وسمع الجميع وكأن هناك قبولا ضمنيا لها فهل يتحمل الوزير منفردا إزاء مشكلة تفشي المرض أو تعطل محطة الصرف الصحي دون أن يتحمل غيره من القياديين والنواب السابقين أو اللاحقين تبعات هذه المسؤولية التي لا تنجم إلا عبر تراكمات سابقة ومستمرة قبل أن تنفجر في وجه الوزير الجديد؟!
[email protected]