عبدالهادي الصالح
عكس ما يتردد أن المسلسلات والأفلام التاريخية فاشلة جماهيريا، فإن فيلمي «الرسالة» و«عمر المختار» للراحل مصطفى العقاد أثبتا عكس ذلك، والآن النجاح الباهر حليف المسلسل التلفزيوني «يوسف الصديق» عليه السلام، وهو انتاج وتمثيل ايراني بالكامل عرضته ولا تزال تعرضه بعض القنوات الفضائية مدبلجا باللغة العربية، وقد شاهدت معظم حلقاته حيث تعرض سيرة نبي الله يوسف عليه السلام منذ نشأته في أحضان والديه ثم تآمر اخوانه عليه بالقائه في البئر ثم انقاذه من بعض الرحَّل الذين باعوه بثمن بخس ثم ترعرعه عند عزيز مصر الذي اشتراه وما اظهره من ذكاء وبراعة في التدبير والادارة حيث تلاحقت الاحداث وسط الحضارة الفرعونية المصرية وما تعرض له يوسف من محاولة اغوائه من زوجة عزيز مصر «زليخة» حيث فر منها الى السجن، وهكذا تجري الاحداث كما تحدث عنها القرآن الكريم في سورة «يوسف»، ولكن بتوسع شديد من خلال المراجع الاسلامية وغير الاسلامية بكل تصنيفاتها ومدارسها ليأتي العمل متناسقا بين الحدث التاريخي والقصة الدرامية وسط مظاهر الحياة الفرعونية التفصيلية، ولذلك لا عجب ان يتابعه الجمهور من بلدان العالم كما اظهرته الاتصالات التي عرضت في ختام حلقاته النهائية، ولعل امتياز هذا المسلسل يكمن في الربط العقائدي مع نبي الله وواقعية احداثه التي تتلاقى مع مجاهدة النفس ضد الاهواء المضلة، والصبر والتحمل في سبيل ارضاء الله، وما تؤول اليه النفوس التي تحيك المؤمرات والبطش لدوافع الحسد والاستئثار بالسلطة والجاه، واستغلال الدين لمآرب غير مشروعة وحسن التدبير الاداري للدولة والخروج من الأزمات الاقتصادية والبيئية.. الخ.
حقيقية، يوما بعد يوم يثبت ان الفن الراقي والثقافة المشروعة ذات المضمون الانساني الخالي من الألغام التغريبية والسياسية هما رسالة لكل معاني التواصل والود وتعميق العظات والخبرات والمفاهيم التربوية، فكيف اذا كانت هذه كلها مستقاة من القرآن الكريم الذي يمثل هدى للعالمين بعيدا عن التأطير الزماني والمكاني، شكر وتقدير لكل من امتعنا بهذا المسلسل «يوسف الصديق» وكل انتاج فني راق يبتغي فيه مرضاة الله ونفع العباد والبلاد.
[email protected]