عاصمتها «باكو» وجدناها نظيفة في شوارعها غير المزدحمة، تزينها فنون معمارية مبهرة، صمم المركز الثقافي لقائدها الراحل حيدر علييوف على شكل توقيعه! غنية بـ «المولات» ذات الماركات العالمية والمحلية والتي تفرح قلوب النساء، وتزعج بعض الرجال! ولا يطوفك ريوقك خبز تنور حار باللحم او الاجبان عند عجائز «باكو» القديمة المسورة بحصنها. شعب طيب وودود، يخلو من ازعاج الشحاتين وإلحاحات الباعة الجوالين، النظام السياسي يتبنى العلمانية، لكن الشعب غالبيته العظمى من المسلمين مرجعيتهم الدينية الغالبة من النجف الأشرف وبالأخص آية الله السيستاني، ولديهم عتبات مقدسة لآل البيت عليهم السلام، لكن آلمنا عدم تدينهم الظاهر في الشارع، لا تكاد تجد من يدلك على مصلى قريب او يعلم توقيت الصلاة! الخمر متاح، واحذر من لحم الخنزير في بوفيهات الفنادق. وهي بيئة تعكس مخلفات الاستعمار الشيوعي الروسي الذين حولوا المساجد إلى مخازن روسية! يبذل علماؤهم الآن الجهود لإعادتهم إلى فطرتهم الدينية، ولذلك تجد أثره الآن في المؤمنين والمؤمنات المنتظمين في صلاة الجماعة بالمساجد. ويحرصون على المناسبات لاسيما عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام، وفي صلاة العيد يملأون الطرقات بالتهليل والتحميد.
من اجل استقلالهم قدموا قرابين الشهداء، الذين كرموا بميدان جميل بقبورهم فردا فردا، وسط قبة تحتها شعلة نار لا تنطفئ، مذكرين بالمعنى القديم لاسم بلدهم «بلاد عبدة النار»، علاوة على «أبراج الشعلة» شاهقة الارتفاع. بلد سياحي واعد مع تدفق السياح الخليجيين، ومطبخهم غني بالوجبات الشرقية، لكن تتعب حتى يفهموا طلبك للشاي الثقيل او القهوة التركية. طلبت مرق الباذنجان باللحم وبعد جهد جهيد أحضر باذنجان مشوي واحدة وقربها قطعة لحم وحبة طماط مشويتين!
توجهنا الى الريف الأذربيجاني في قبلا Qabala المرتفعة والتي تبعد 4 ساعات، منطقة ذات منظر جميل، تستطلع جمالها عبر «التلفريك» وحظينا بفندق رائع يقدم لك الغداء في الغابة القريبة وسط خرير الماء وظل الأشجار الباسق وألحان الطيور الشجية، وهناك تذكرت ضيفنا القديم الذي هجرنا في الكويت طائر الرقيعي الذي لا يتوقف عن الطيران. تشتهر بالمربيات اللذيذة لمختلف الفواكه، لكنك لن تنسى مربى الجوز الأخضر! وللأطفال خطوة بمدينة الألعاب الترفيهية.
لكن الكرم الكويتي هل علينا هناك، عندما عزمنا الحملدار الحاج حسين البناي وبطبخه الشخصي على مكشمش مجبوس حساوي بالطليان الأذربيجاني! في مزرعة مؤجرة عامة، قبل ان نتوجه الى البحيرة التي تشبه بحيرة زلمسي لكنها تحتاج الى تشذيب وتهذيب.
في طريق العودة الى الكويت، شعرنا بنعمة الله علينا في حريتنا للسفر إلى أي مكان بإرادتنا، بينما أشقاؤنا في عالمنا العربي مطاردون بالتهجير القسري وسط مخاطر الغرق في البحر، والعطش في الصحراء، او لاجئون في خيام الغربة عن الأوطان في الحر القائظ، او البرد القارس. فرج الله عسرهم، وأدام علينا نعمه، ولله الحمد والشكر على كل حال.
٭ شكر خاص للسيد حسين البناي على حسن ادارته لحملة «نور الابرار»، والشكر موصول كذلك للإخوة والاخوات الذين جمعتنا معهم الصحبة الطيبة.
[email protected]