عندما كنا صغارا كانت الأغاني العراقية تصدح من أسطوانات «البشتخته» ومن راديو اذاعة الكويت في القهاوي والمطاعم في أسواق الكويت العتيقة، ففي شارع الجديد مقهى الكمال وفلافل بوعدنان وشاورما الأحمدي.
وكانت عجائزنا وأمهاتنا في البيوت امام تلفزيون الكويت (ابيض واسود) ينشجن بالنحيب وهن يسمعن ناظم الغزالي ينعى أشعارا حزينة في مقدمات اغانيه.
طبعا تبصرنا فيما بعد ان الشريعة الاسلامية - وبالذات الفقه الجعفري -تحرم في الأصل سماع الأغاني بتفاصيل مذكورة في محلها.
بلا شك ان جروح الاحتلال الصدامي غائرة في وجداننا وقلوبنا، وشهداؤنا الابرار مازالوا ترنيمة في صلواتنا ودعائنا.
وكذلك هي جروح في ضمائر العراقيين الشرفاء، المنكويين أصلا بجرائم أكبر وأوسع من البعثيين الاوغاد.
ولكن بعد سقوط صدام وزمرته، بدأت العلاقات تعود وتنمو نحو الافضل، خاصة بعد تفرد صاحب السمو أميرنا، حفظه الله، كزعيم أوحد بحضور مؤتمر القمة العربية في بغداد 2012، وانتصار القوات المسلحة العراقية على داعش في الموصل، الذي يمثل بلا شك حماية للكويت من اطماع العصابات التكفيرية، ثم استعداد الكويت الآن لتنظيم مؤتمر للدول المانحة لإعادة تعمير العراق.
وما يراه الزوار الكويتيون للعتبات المقدسة من حسن الاستقبال وكرم الضيافة (انت كويتي، انت تاج راسنا!)، وما ينتظر الكويت والعراق من مشاريع كبرى تنموية واقتصادية مشتركة.
كل ذلك وغيره من الإيجابيات، هي اكبر من هذا التراشق بين بعض الإعلاميين والسياسيين الكويتيين والعراقيين، حول استضافة احد المغنين العراقيين.
ليكن النقاش حول شخص المغني، لا ان يمتد الى الشعبين، والى محاولة اعادة التوتر وتخريب العلاقة المتنامية بينهما. ارى ان المصلحة الوطنية وسط هذا التوتر الإقليمي المحموم، ان تكون أنظارنا أكثر عمقا وبعدا، والا نحطم الجسور مع جيراننا الذين يفتحون اليوم قلوبهم لنا قبل حدودهم!
[email protected]