أيام المدرسة، يروي لنا قصة «لا تيأس» وملخصها مجموعة من الفتيان يذهبون في رحلة مغامرة، وتواجههم في كل مرة عوائق، فيذكر بعضهم البعض بشعارهم «لا تيأس»! فيتغلبون عليها ويواصلون المسير.
كنا نظن ان ذلك ضرب من الخيال، ولكن كبرنا وشاهدنا نماذج من الشخصيات التي حاصرتها العوائق ولكن لم تيأس، وواصلت الكفاح حتى الوصول الى الهدف المنشود.
ومن تلك النماذج الاستاذ والمربي الفاضل المرحوم عبدالمحسن علي السلمان - والذي توفاه الله عز وجل قبل أيام - الاخصائي النفسي والاجتماعي، منذ شبابه داهمته الأمراض من كل جانب حتى فقد بعض أطرافه، وأخذت المستشفيات داخل وخارج البلاد جل وقته.
ولكنه كان صابرا راضيا قانعا بما قسمه وقدره الله تعالى له، دائما مبتسم المحيا، سريع الضحك، يعيش حياته بتفاؤل، فهو يهنأ بحياة زوجية سعيدة، كانت ام حسين تعاضده وتؤازره، مع أبناء أتقياء أبرار، لا ينقطع عن حضور المساجد والمنتديات الثقافية والاحتفالات الدينية، وكان مجلسه وتواجده المفضل في دار الزهراء عليها السلام، يأنس لروادها، ويشارك في فعالياتها.
كان يفترض من مثله ان يكتفي بانشغاله في جسده العليل، ولكن المرحوم السلمان، كان يحمل هموم الشباب، فيداريهم بالرعاية والنصح الجميل، وينصت باهتمام للمشاكل الاسرية التي تعرض عليه، فيحللها طبقا للقواعد التربوية والشرعية، قبل ان يدلو بدلوه في المعالجة الشافية.
ولا يشغله ذلك عن ذلك، اهتمامه بالشأن السياسي الوطني والاقليمي والإسلامي، فله آراؤه، وكثير من المرات يبعث لي برسائل تعليقاته التشجيعية على مقالاتي الصحافية.
الآن ارتاح من علله، وان تألم محبوه - وما أكثرهم ـ من رحيله الابدي. فنم يا بوحسين جارنا العزيز، قرير العين، فأنت مقبل على رب عادل غفور رحيم، جواد كريم محسن، وأنت كنت دائما عبد المحسن.
(الفاتحة لجميع الموتى).
[email protected]