على عكس ما كانت تتصوره وتتخوف منه السلطة السياسية للحكومة في ان الاستجوابات الأخيرة ومنها استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء فان النتائج جدا ايجابية ولعل ابرزها تقدير وامتنان النواب أنفسهم الذين رفعوا طلب عدم التعاون معه، علاوة على اعادة تأكيد ثقة غالبية المجلس في سموه، كما ان الوزراء المستجوبين كانت لهم فرصة لتوضيح محاور الاستجواب وبيان تفاصيل الدفاع عن انجازاتهم وجهودهم في محاربة الفساد او على الاقل الاعتراف ببعض الاخطاء والتعهد بتصحيحها، لكن الأهم في ذلك نجاح الحكومة في استيعاب جميع الاستجوابات خلال جلسة واحدة طويلة مما افقد النواب المستوجبين عنصر زخم الاثارة والتفاعل والحماس والمتابعة المتوقعة من الشارع والنواب الاخرين وفي ذلك – كما يفترض – سقوط حالات الارتباك والخوف والهلع من مواقف الحكومة تجاه شيء اسمه استجواب وحتى الشارع – كما يبدو – لم يعد الاستجواب الأداة التي تدخل البلاد في مستنقع الاحتقان الشعبي والقلق على مستقبل الحياة الدستورية، بل آن الأوان لأن يأخذ الاستجواب حجمه الحقيقي كأداة رقابية تدفع نحو التنمية النظيفة الخالية من الانتهاك والفساد، وفرصة لتجديد الثقة بالأداء الحكومي وتصحيح الأخطاء ان وجدت، آن الأوان لأن يمارس النواب أداة الاستجواب كسؤال برلماني مغلظ وليس «بعبع» يشمل البلاد، معظم الدول الدستورية العريقة تكثر فيها الاستجوابات دون ان تتحرك مشاعر الإثارة في شوارعها الشعبوية، الناس تأمل الآن وبعد هذه الحقبة التاريخية ان يبدأ الانجاز التنموي على ارض الواقع ليلمسه المواطن لمس اليد، فالسؤال على لسان كل مواطن: ثم ماذا بعد؟! وهو سؤال تكرر مرات كثيرة في أعقاب استقالات الحكومات السابقة وحل مجلس الأمة عدة مرات، وبعد تغييرات في وجوه الوزراء والنواب وتغيير في النظام الانتخابي.. الخ، ثم اخيرا استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء، ثم ماذا بعد؟ الحكومة والمجلس الآن في اختبار حقيقي أمام الشعب، ولا شيء وسطا، إما تنمية ونجاح أو فشل وكفر بالديموقراطية لا سمح الله تعالى!
[email protected]