وأنت تخرج من العتبة المقدسة للسيدة الجليلة فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليهم السلام) في مدينة قم الإيرانية، يواجهك على شمالك المدرسة الفيضية التي انطلقت منها الشرارة الأولى للثورة الإسلامية، وعلى يسارك الأسواق الشعبية منها مجمع تجاري تتصدره لوحة كبيرة: «بازار كويتي ها» وهي وان قصد منها التخصص بالبضائع المستوردة من الكويت، ولكن تعكس بفخر الجودة الكويتية، بمثل جودة حلوى «الساهون» اللذيذة التي يشتهر بها أهل قم!
ولكن قم لا تمثل مركزا تجاريا، وإنما هي عاصمة المكتبات والكتب، والعلم والعلماء، والذين يطلق عليهم مصطلح «الروحانيون» وهم المنتظمون في مدارس الحوزات الدينية طلابا وأساتذة ومراجع الاجتهاد والتقليد.
ومن فرط الاحترام لهم خصصت نيابة تحقيق ومحكمة خاصة لقضايا الروحانيين حفظا لكرامتهم وتقديرا لمهامهم التبليغية.
وما تردد عن قضية السيد حسين الشيرازي مؤخرا كانت محل أسف وعدم ارتياح العلماء الذين قابلتهم.
وشخصيا احرص عند زيارتي لقم أن أجول متشرفا بين مكاتب هؤلاء المراجع الذين يتركزون غالبا في ضاحية «صفائية»، مستشرفا رؤيتهم الدينية في المسائل محل اهتمامي، مثل حرصي على إهدائهم نسخا من إصداراتي الجديدة، وهذه المرة كتابي الجديد «كنت وزيرا»، واكتشف اهتمامهم بالكويت، ومتابعتهم لقضاياها.
فأحدهم يحدثني متذكرا الخطابات الرسمية بين أمير المحمرة وأمراء الكويت.
وطبعا مجلة العربي ومجلة عالم الفكر تمثلان رسولين كريمين من الكويت.
فهم على العموم يمتدحون الدور الإنساني والمتوازن والريادي للسياسة الحكيمة لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله.
لكن بعضهم لا يخفي قلقه على تراجع حريات الرأي، واستمرار معاناة «البدون».
والتشدد الزائد في منع مؤسسات نشر الكتب من الاشتراك في معرض الكتاب، مقارنة إلى تقدم بعض الدول الخليجية والدول الأخرى. ويحزنهم تزايد الكلام عن استشراء الفساد، والوتيرة الطائفية والتطرف الديني، وينصحون بالحوار الوطني الداخلي، لأن التجربة الإقليمية أوضحت ان كل الطاقات ذهبت هباء منثورا ولم تنصر الفئوية المتطرفة أحدا!
[email protected]