عندنا: القاضي الجعفري، ادارة الوقف الجعفري، المقبرة الجعفرية، المدرسة الجعفرية، وفي مجلس الأمة مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفرية..الخ.
لماذا أخذت مسماها بالذات من الإمام جعفر الصادق عليه السلام (83- 148هـ)، وليس من غيره، رغم انه الإمام السادس في سلسلة الأئمة الاثني عشر من أهل البيت النبوي الشريف؟
أولا - من الخطأ تصور أن العقيدة الإمامية بدأت بالظهور في عهد الإمام جعفر عليه السلام، والصحيح أنها كانت ملازمة مع العهد النبوي، لكن مصطلح المسمى ظهر فيما بعد.
ثانيا - عاش الإمام جعفر عليه السلام في بداية أفول الدولة الأموية ثم سقوطها، ومع بداية قيام الدولة العباسية والتي كانت تتستر تحت الدفاع عن أهل البيت عليهم السلام، قبل أن تفتك بأتباعهم.
هذا الظرف الاستثنائي وفر للإمام جعفر عليه السلام فرص التحرك التوعوي والفقهي والسياسي، ومقارعة التيارات الإلحادية، وأفكار الزندقة والغلو والفساد، المتسرب من حضارات وثقافات الشعوب الأخرى. كما عمل على النهضة العلمية في ميادين الطب والفلك والكيمياء والفيزياء والرياضيات وغيرها.
فكانت ان شاعت مدرسته حتى سميت بجامعة الإمام جعفر الصادق عليه السلام، في المسجد النبوي الشريف، فكان يرتادها مئات الطلبة، ومنهم فقهاء المذاهب الإسلامية.
فأحدهم يقول «أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد». ويقول الشيخ الأزهري محمد أبو زهرة رحمه الله في كتابه «الإمام الصادق»: «كان ابو حنيفة يروي عنه ويراه اعلم الناس باختلاف الناس وأوسع الفقهاء إحاطة. وكان الإمام مالك يختلف إليه دارسا راويا، وكان له فضل الأستاذية..».
وسئل ابو حنيفة عن أفقه من رأى فقال «جعفر بن محمد». وهذا مالك بن أنس يقول «..ما رأت عين ولا سمعت إذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق..» وروى عنه كذلك احمد بن حنبل والشافعي وغيرهم.
ولم تكن العلاقة بين الإمام جعفر عليه السلام وبين هؤلاء الفقهاء الا علاقة الاستاذ وتلميذه من الاحترام المتبادل والود والتعاون للحفاظ على مصالح الاسلام والمسلمين. وما نلمسه الآن من بعض التعصب والاحتقان بين بعض اتباع هذه المذاهب الإسلامية، هو خروج عن أصل سيرة أولئك الفقهاء الأمجاد.
[email protected]