بعد قتل ابن بنت رسول الله صلى عليه وآله وسلم، ابن فاطمة الزهراء عليها السلام، تنادى القتلة ليطأوا جسده الشريف بحوافر خيولهم، ثم تقاسم القتلة رؤوس الشهداء بمن فيهم رأس الحسين عليه السلام وجعل يدار به في الكوفة، وسيقت حرمه كما تساق الاسارى إلى الكوفة، وخرج الناس هناك يبكون من أوجاع ما ينظرون، فخطبت فيهم زينب عليها السلام:«...أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم.. وأي حرمة انتهكتم؟.. لقد جئتم شيئا ادا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض...» ثم سيق الجميع الى عاصمة الخلافة الأموية بالشام ووضع رأس الحسين في طست من ذهب لينكث في ثغره الذي طالما لثمه بالتقبيل جده رسول الله صلى الله عليه وآله! فقامت زينب عليها السلام قائلة:«..إني لأستصغر قدرك.. كل العجب لقتل حزب الله النجباء، بحزب الشيطان الطلقاء..».
ورأت الخلافة الأموية إرجاع ذرية رسول الله الى مدينة جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله. وهناك استمر الإمام علي بن الحسين زين العابدين بإقامة العزاء 40 عاما، اشتعلت خلالها في الأمة الاسلامية مشاعر الندم والأسف، وعبر عن ذلك بقيام ثورات قام بها بعض الصحابة والتابعين وبدأ التمرد، وردت عليهم الخلافة الأموية بتسيير جيش استباح حرم مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا يفعل ما يشاء!!
لكن الثورات استمرت ومنها: ثورة التوابين، ثورة المختار الثقفي، ثورة مطرف بن المغيرة، ثورة ابن الأشعث، ثورة زيد بن علي بن الحسين وثورة أبي السرايا.
وهي ثورات محدودة الاهداف، انتقمت خلالها من قتلة الحسين عليه السلام لكنها لم تحقق انتصارات ميدانية واسعة النطاق. لكن نجحت بفضل تضحية الحسين عليه السلام في:
1- تحطيم الإطار الديني المزيف الذي يتظاهر به بعض ولاة أمر المسلمين.
2- تعاظم مشاعر الاثم التي حركت وسائل التكفير عن خذلان ابن بنت رسول الله في مشروعه الإصلاحي للأمة.
3- انبعاث الروح النضالية والمعارضة الراشدة ضد مظاهر الانحراف وأنواع الفساد.
ولعل ما يلمسه العالم اليوم بأسره في مشارقه ومغاربه من مجالس عزاء الحسين عليه السلام بوصفها مراكز ثقافية إسلامية توعوية وتبليغية، تكرس الروح الولائية لأهل البيت النبوي عليهم السلام، وتبعث روح التضحية والفداء في سبيل الله. وصدق الشاعر بقوله:
«كذب الموت فالحسين مخلدا..كلما أخلق الزمان تجددا»
(انظر المزيد والمصادر التاريخية: معالم المدرستين 3 أجزاء للمحقق السيد مرتضى العسكري، وثورة الحسين للعلامة محمد مهدي شمس الدين).
[email protected]