«أليس غريبا أن تجهض الانجازات وتفوت الفرص ويهدر الوقت وتضيع الجهود في أمور عقيمة لا طائل منها، ونحن في أمس الحاجة الى توجيه ما نملك من طاقات وقدرات نحو تحقيق المشروعات التنموية المستهدفة؟!».
من كلمة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله تعالى، في 29 ديسمبر 2009. مبروك لكويتنا قيادة وشعبا أعيادنا الوطنية سائلين المولى سبحانه أن يحفظ وطننا آمنا مستقرا مزدهرا بأبنائه وبناته.
قال الراغب الاصفهاني في كتابه «مفردات ألفاظ القرآن» ـ من القرن الرابع الهجري ـ عن العيد: ما يعاود مرة بعد اخرى، وخص في الشريعة بيوم الفطر والنحر، ولما كان ذلك اليوم مجعولا للسرور في الشريعة كما نبه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «أيام أكل وشرب وبعال» صار يستعمل العيد في كل يوم فيه مسرة، وعلى ذلك قوله تعالى: (أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا). والعيد كل حالة تعاود الانسان، والعائدة: كل نفع يرجع الى الانسان من شيء ما... إلخ.
لتكن بالفعل ايام الاعياد الوطنية أيام مسرّة وفرح وغبطة بالمفهوم الذي لا يخرج الانسان الى الفوضى والبطر والصخب واللهو الممجوج، وهو للاسف ما يحدث عندنا عندما يعج شارع الخليج على البحر بعلب الرش بالرغوة على السيارات وعلى المارة حتى تجرأ بعضهم على نزع حجاب فتاة ورشها بهذه المواد الضارة! لكن علينا ألا نحمل هؤلاء الشباب وذويهم فقط هذه المسؤولية، فالدولة مسؤولة عن توفير بدائل ايجابية يفرغ فيها الشباب طاقاتهم ومواهبهم، لتفسح أمامهم (مثلا) أبواب نادي الخيول والفروسية ومسابقات رياضة البحر كالتزلج على سطحه أو الغوص في أعماقه والطيران بالبراشوت ومسابقات انجاز الاعمال الرمزية التراثية والفلكلورية... إلخ. إن أغلبها موجود، ولكن بكل أسف غير متاح لجميع الشباب لأسباب تتعلق بالنخبوية أو الغلاء وضيق اليد وعدم التشجيع، والاحباط... إلخ.
نريد لبلدنا أن يكون عيده الوطني يوما تتباهى فيه المؤسسات بإنجازاتها وترفع هامات الذين قدموا شيئا مؤثرا لوحدة هذا الوطن وتنميته، وتتفرغ فيه لاستعراض بطولاتها أيام الغزو الصدامي وإعادة اعمارها بعد التحرير، أين أسرانا الذين تم فك قيدهم بحمد الله؟ لماذا لا نسمع حكاياتهم التي تفوح منها رائحة الكفاح والصبر، والترحم على المفقودين والشهداء الابطال؟ ثم لماذا غياب الاستعراضات العسكرية؟ لماذا لا تساهم الشركات العقارية التي شيدت مبانيها السياحية على بعض الساحل الكويتي في فتح المجال للنزهة العامة ولو بأسعار رمزية حبا واحتفالا بأهل الكويت؟ لو فتحنا المجال وبوقت كاف للمواطنين لتقديم تمنياتهم واقتراحاتهم لكيفية قضاء عطلتي العيد الوطني وعيد التحرير لرأينا اكثر هذه التمنيات والابداعات.
لكن عذرا، فالمؤسسات العسكرية مشغولة باستتباب الأمن في الشوارع بسبب حرب السيارات، ولفك التشابك بين الشباب في هذه العطلة وتكثيف التواجد في المراكز الحدودية والمطار لتسهيل حركة وهجرة المسافرين، وكذلك للحفاظ على أمننا الحدودي، أما المخططون لعطلة العيد كالوزراء وقادة المؤسسات فلا لوم عليهم بسبب الاجهاد والتوتر السياسي المزمن الذي أرهقهم.. وهذه العطلة فرصة للهرب من الاجواء المكهربة دوما. وعاشت الكويت لمن أحبها.
[email protected]