أتعجب من موقف دول الخليج من أزمة اليمن، وتكاتفها لمساندة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في الأزمة التي يمر بها مع شعبه الذي يريد رحيله بعد أكثر من 30 عاما غيبهم فيها عن ركب الحضارة، وجعلهم يعيشون كأفقر شعب في العالم، بينما يتنعم هو وزمرته بأعلى درجات الترف، بل بنى مسجدا يعتبر قصرا لم أر في حياتي مثله، بينما لا يبعد عن هذا القصر إلا بضعة كيلومترات من يعيش في زمن القرون الوسطى.
علي عبدالله صالح الذي كان له أسوأ المواقف من أزمة الكويت مع العراق، وكان سليط اللسان على الكويت والمملكة وبقية دول الخليج أثناء أزمتهم، حيث ترك الباب واسعا للمظاهرات البعثية التي كانت تجوب شوارع صنعاء ترفع صور صدام وصور الشيخ جابر والملك فهد رحمهما الله وهما صريعان تحت أقدام صدام بصورة مصارع، وهذه الصورة لم تنقل لي بل رأيتها بأم عيني أثناء زيارتي لصنعاء أثناء الأزمة لأشرح وأدافع عن بلدي عند أحرار اليمن، ومنهم رئيس قبائل حاشد آنذاك حسين الأحمر رحمه الله، والذي ناصر الكويت ووقف مع حقها الذي أغفله علي صالح. واليوم وبعد مرور 20 عاما، تشارك الكويت ودول الخليج في مساندة هذا الطاغية، وما يقوم به ضد شعبه من قصف بالطائرات والمدفعية، وقتل المئات من الأبرياء لا لذنب سوى مطالبتهم بالحرية، ورفع الظلم عنهم. لقد صرخ آلاف المتظاهرين من اليمنيين في ساحات التحرير في صنعاء وتعز والحديدة وعدن وبقية مدن ومحافظات اليمن يرفضون مبادرة دول مجلس التعاون، لأنهم شعروا بأن هذه المبادرة ما هي إلا طوق النجاة الذي أنقذ علي صالح من غرق محقق.واليوم وقد سقط الطاغية في التفجير الذي وقع في قصره، ومازال أتباعه يقصفون مدينة تعز بالمدفعية، ومازال الخليجيون يساندونه بكل ما يستطيعون، بل ويصرحون علانية في وسائل الإعلام بأنهم لا يثقون في البديل، الذي خوفهم منه علي صالح طيلة حكمه وتربعه على عرشه، كما خوفهم من قبله مبارك، فأصبحوا يعاملون هذا البديل معاملة العدو، حتى دون أن يتأكدوا من هذا البديل، إنها مواقف ضبابية متذبذبة تقف مع الطغاة ضد الشعوب، وليس هذا ما يتناسب مع الحكمة والمنطق والإنصاف.
[email protected]