[email protected] - www.kuwaiticonsultant.com
تضمنت التوصيات والدراسات التي قدمتها القمة العالمية للحكومات المنعقدة في دبي بالتعاون مع شركة ماكينزي وكومباني الاستشارية العالمية، أن يكون هناك اقتصاد مرن ومستدام للدول المعتمدة على النفط بعد انخفاض الأسعار.
وأن تكون هناك رؤية بعيدة المدى للطلب على النفط والاعتماد عليه حتى أواخر عام 2040، خاصة أن الكهرباء تستنزف نسبة كبيرة منه، وبالتالي هناك تسارع قائم للاستفادة من الطاقات المتجددة والنظيفة مثل الهواء والشمس.
ففي الكثير من الدول المصدرة للنفط، يعتمد نسبة كبيرة من المواطنين على الحكومة، وبالتالي على الموارد الطبيعية، إذ يوظف القطاع العام عددا كبيرا من المواطنين، وتمول الموارد الطبيعية أنظمة رعاية اجتماعية كريمة.
ولهذا علينا أخذ العبر والدروس والتجارب الناجحة من الدول التي عانت نفس المشكلة، وكيف تصرفت وقررت عدم الاعتماد الكلي على النفط كمصدر وحيد لميزانية الدولة مثل التحول الناجح للنرويج، حيث وضعت لها قواعد ذهبية تعمل عليها وتنفذها، وهذه القواعد هي:
1- على الجميع أن يعمل، بحيث تكمن أهم أصول النرويج في رأسمالها البشري، وقد أشارت إحدى الدراسات إلى أن الموارد البشرية تشكل أكثر من 85% من ثروات البلاد المستقبلية، متجاوزة بذلك صندوق الثروة السيادية والموارد النفطية.
2- على القطاعات غير النفطية أن تبقى تنافسية، بحيث تساعد سياسة الأجور والاستثمار في البنية التحتية والعملة العائمة على حماية القدرة التنافسية للقطاعات غير النفطية.
3- يجب الحد من إيرادات النفط المخصصة للإنفاق الحكومي، بحيث لا يجوز إنفاق سوى 4% فقط من قيمة الصندوق الحالية بناء على تقدير متحفظ للعائد السنوي، أما باقي العائدات، فيتم تحويلها إلى صندوق الثروة السيادية، لأن ذلك يحمي الثروة في المستقبل ويحد من أثر التضخم المالي.
والدروس الرئيسية هنا التي يجدر بدول مجلس التعاون استقاؤها، لا تكمن في الآليات أو الصناعات المحددة التي اعتمدتها النرويج بالضرورة، فلن تتمكن البحرين أو الكويت أو السعودية من تصدير السلمون أو الخشب.
ولكن نجاح النرويج يبين أهمية اعتماد سياسات مقاربة متكاملة تشمل العناصر الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وضرورة التزام كل الجهات المعنية بالاقتصاد.
والحلول الاقتصادية هذه يجب أن تتضمن بناء صناعات جديدة قائمة على المعرفة وتطوير البنية التحتية، وجعل الوظائف في القطاع الخاص أكثر جاذبية للمواطنين وتنمية وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتنمية رأس المال البشري.
ومن الحلول المالية يجب أن تتضمن الاستثمار في الأصول التي تدعم الإنتاجية على المدى الطويل مثل الاستثمارات المدروسة في البنية التحتية والتعليم والتدريب.
ومن الحلول الاجتماعية يجب توفير فرص العمل الإنتاجية خارج الحكومة وقطاع الطاقة وهذا يعني التركيز على القطاع الخاص إذ بإمكان الحكومات أن تشجع المزيد من المواطنين على انتهاز هذه الفرص ومساعدتهم على كسب المهارات اللازمة لفعل ذلك.
وحتى تنجح الاقتصادات المعتمدة على النفط عليها اتباع مفاتيح النجاح التالية: وجود قيادة قوية قادرة على التغيير والتحدي وتنفيذ حلول قابلة للتطبيق ومقبولة للشعب، تحتاج هذه الدول إلى أفكار ومعلومات قوية قائمة على بيانات واستغلالها في وضع النظم والبرامج التي تساعد في الحلول، بالإضافة إلى النجاح في تغيير النمط الاستهلاكي والأبوي الذي يعتمد المواطنون عليه في الدعومات والإعانات وتفهمهم للوضع المالي والاقتصادي بدولتهم.