الحوكمة هي مجموعة القوانين والضوابط والإجراءات التي تضمن الشفافية والانفتاح على كل ما يتعلق بالشؤون المالية والإدارية والاقتصادية سواء في القطاع الخاص أو العام.
وقد بدأ اهتمام العالم بالحوكمة بعد انهيار وافلاس شركة انرون إحدى كبريات شركات الطاقة في أميركا عام 2001، بسبب أن كبار المديرين التنفيذيين وأعضاء مجلس الإدارة كانوا يقدمون أرقاما مبالغا فيها تزيد على أرباح الشركة الحقيقية بحوالي مليار دولار.
وأكد تقرير للجنة أن كبار مسؤولي إنرون قاموا بعمليات مشاركة وهمية ساعدتهم في إخفاء خسائر وديون إنرون الفعلية ما أدى الى إفلاس الشركة وانهيار أسهمها وفصل حوالي خمسة آلاف موظف بها، وفقد أصحاب المعاشات وصغار المساهمين مدخراتهم التي استثمروها في أسهم المؤسسة.
وكذلك بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008 أو ما تسمى بالرهن العقاري في أميركا، انكشفت الكثير من الشركات في الكويت عن ضعف في أدائها وميزانياتها ومشاريعها ولم يظهر ذلك في تقاريرها وميزانياتها الفعلية واستمرت أسهمها تباع وتشترى بمبالغ تفوق أداءها الحقيقي.
وبعد الأزمة بدأت تتساقط الشركات كأوراق الشجر في فصل الخريف وهبطت أسعار أسهمها الى ما دون التأسيس وبدأت في الاستغناء عن موظفين وتنزيل رواتب البعض وبعضها فضل الاندماج والاستحواذ.
وكل هذا بسبب عدم وجود قوانين وضوابط وإجراءات للحوكمة التي تلزمهم بالإفصاح والشفافية أولا بأول عن أدائها وميزانيتها ومشاريعها الواقعية ويكون لدى المستثمرين والمساهمين علم بهذه الأمور عن طريق تقارير دورية وكذلك في الجمعيات العمومية.
بدأت الحكومة بتطبيق الحوكمة على القطاع الخاص للشركات المسجلة في سوق الأوراق المالية فقط ورقابة من هيئة أسواق المال ولكن ماذا عن الشركات التي لم تسجل في البورصة وهل ممكن تطبيق الحوكمة على القطاع الحكومي؟
نعم ممكن، فلدى الحكومة الكثير من المشاريع والاستثمارات والشركات التي يجب تطبيق الحوكمة عليها، حيث تدار فيها مشاريع بالملايين من الدنانير وفيها مجلس إدارة وبالتالي من يقرر ما المشاريع ولمن والارباح المتوقعة منها هم أعضاء مجلس الإدارة المعينون من الحكومة.
وطبعا في العادة تكون سياسية أو اجتماعية ومصالح متنفذين ونرى الكثير من مشاريع الدولة التي خسرت الملايين ولم نسمع عن رقابة على أداء هذه الشركات، وكذلك استثماراتها والمهم انه ليس هناك وضوح وشفافية لميزانيات ومشاريع هذه الشركات العامة.
ولذلك اقترح تطبيق الحوكمة على الشركات العامة والاستثمارات الحكومية كما هي مطبقة على الشركات الخاصة، صحيح ان الشركات الحكومية ليس فيها مساهمون أو مستثمرون افراد وأن المالك والمستثمر الوحيد هو الحكومة ولكن مادامت هذه الشركات تدار بميزانية حكومية يعني «مال عام» فلابد من وضوح وشفافية أمام الشعب والأجدر بمجلس الأمة الذي يمثل الشعب أن يتبنى هذا المقترح للحفاظ على المال العام ومكافحة الفساد.
[email protected] - www.kuwaiticonsultant.com