مازالت أسعار النفط في الأسواق العالمية تنهار يوما بعد آخر، وفي نحو أربعة أشهر خسر سعر برميل النفط الكويتي حوالي 30 دولارا من حوالي 110 دولارات للبرميل إلى حوالي 80 دولارا فقط، وهو ما يعني أن الكويت تخسر يوميا حوالي 75 مليون دولار إذا كانت الكويت تصدر يوميا حوالي 2.5 برميل بعد استهلاك بقية الإنتاج الذي يصل إلى 3 ملايين برميل.
ومازالت المشكلات المتعلقة بإنتاج النفط كمشكلة حقل الخفجي الأخيرة وربما حقل الوفرة قريبا والمشكلات المتعلقة بالنواحي الفنية ناهيك عن المصروفات المرتفعة على القطاع النفطي من رواتب ومشاريع وخبراء وغيرها من المصروفات الباهظة والهدر الحاصل في توظيف من لا يستحقون ومن لا يعملون ومن ليس لهم عمل وكبطالة مقنعة.
والآن ونحن نشاهد ما يحدث في السوق النفطية والمستقبل الغامض والمتذبذب لسلعة النفط الناضبة، انتهى الوقت الذي ندفن فيه رؤوسنا في الرمال، وجاء وقت المواجهة التي علينا أن نسارع فيها قبل أن يداهمنا الوقت وتفاجئنا التطورات ونجد أنفسنا نعود لسابق عهدنا قبل النفط دولة فقيرة تعيش على صيد اللؤلؤ في حياة بدائية لا تتماشى مع العصر ولا تتفق والمنطق.
إلى متى يظل النفط هو المصدر الوحيد للدخل في بلدنا أو نعتمد في موازنة الدولة عليه بنسبة تفوق الـ 90%؟ إلى متى نظل نرهن مستقبل الأجيال القادمة بحال السوق النفطية وبتلك الثروة الناضبة؟ إلى متى يظل العالم يتقدم ويستغل الفرص المتاحة ويخلق الفرص الجديدة ونحن هكذا كمن ورث ثروة عن أبيه وهو سفيه ليس له عمل سوى هدر الأموال.
آن الأوان يا حكومة أن تعجلي في وضع الخطط بعد دراسات عاجلة ومحترمة ومبنية على أسس للعمل على خلق مصادر أخرى للدخل في الكويت، بإنشاء صناعات قائمة على النفط ذاته وصناعات أخرى وبمشاريع جامبو تنقلنا من دولة تستهلك الكنز الموجود لديها إلى دولة بالفعل منتجة وفاعلة في العالم.
لله الحمد لدينا أموال طائلة حصدناها من بيع النفط في السنين الماضية وجاء الوقت لنستثمر تلك الأموال داخل البلاد وخارجها بذكاء وحكمة، بعلم وخبرة، بحرص وشجاعة، فالدول الأخرى بنت نفسها على نفطنا ونحن نصدر لهم النفط بسعر 100 دولار ونستورده منهم بخمسة أو عشرة أضعاف على شكل منتجات لم تكلفها صناعتها ما كلفنا نحن حتى في استخراج النفط.
النفط إلى زوال حتما، ولكن هل نجلس ننتظر حتى نبكي على النفط المسكوب الذي أهدرناه بأيدينا، لا يمكن لعاقل أن يصدق ما نحن فيه، ولهذا نطالب حكومتنا ومجلس الأمة، وإن كنا نعلم أنهما ليسا في أفضل حالاتهما أن يسارعا في إخراج البلاد من هذا المأزق والسعي بشكل حثيث للخروج من نفق النفط إلى عالم الاستثمار الرحب، مع الوضع في الاعتبار ضرورة ألا نقع فريسة التنفيع للمتنفذين ولقمة سائغة في فم بعض التجار والهوامير الذين لا يفوتون أي فرصة للانقضاض على مقدرات الشعب.
[email protected]