وكأننا نتحدث في الهواء ونحرث في البحر وننقش على الماء، سنوات طويلة والحديث عن أغلب المشكلات وأهم العقبات والشكاوى والمطالبات، ولا حياة لمن تنادي فعلا، فالحال لم يتبدل وإنما هو من سيء لأسوأ ومن تعتيم لتعتيم أكبر ومن فشل إلى أفشل، هكذا هو الحال السوداوي الذي نعيشه منذ سنوات مضت في هذا البلد الذي لا يريد له كثيرون الخير سواء من الداخل أو الخارج، سواء من الهوامير المتنفذين أو حتى بعض محدودي الدخل والفكر.
الصراحة واجبة إذا ما كنا نريد أن نصلح، وأنا هنا أعلم أن ما نكتبه لن يصلح ولن يبدل الحال، لكنني أكتبه لأسجل موقفا ولتكون مداد الكلمات ذرة ربما تضاف إلى أخواتها التي سجلها الآخرون لعل الأمل لا يموت ولعل الله يفرج علينا بأناس هم حقا أهل للمسؤولية ولحمل الأمانة.
والآن ونحن على أعتاب اختيار برلمان جديد يتساءل كثيرون أين الوعود السابقة للنواب السابقين بكشف ذممهم المالية؟ أين هي تلك الكشوف لذممهم المالية قبل دخول المجلس وبعد الخروج منه؟ أين تطبيق القانون؟ لدينا هيئة لمكافحة الفساد أنشئت بموجب القانون رقم 2 لسنة 2016 وهو خاص بإنشاء الهيئة والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية والمفترض تطبيق هذا القانون والذي يسري على مجلس الوزراء ومجلس الأمة وحتى القضاة والقياديين في الدولة وغيرهم.. أين؟!!
نعلم أن هناك أمورا سرية، لكن لم ينبر لنا أي شخص مسؤول ليعلن على الملأ أن هؤلاء التزموا وقدموا كشوف ذممهم المالية قبل وبعد المجلس أو قبل وبعد تسلم الوظيفة، ولماذا لا يقوم كل هؤلاء بتقديم ذممهم المالية للشعب وعلى الملأ إذا كانوا على ثقة من أن رايتهم بيضاء؟
الذمة المالية هي أهم دليل على الفساد أو نظافة اليد، وإعلانها واجب أو على الأقل الإعلان عن تقديمها ومراجعة المختصين لها دون كشفها كاملة للعامة، متى نصل إلى هذا المستوى من الشفافية الذي لو تحقق لتجنبنا الكثير من الفساد والسطو على المال العام والرشوة والتنفيع.
المجلس الذي هو اختيار الشعب لم يتقدم لنا بأي شيء من هذا، والأزمة المالية التي يتحدثون عنها أراها تأتي ضد البسطاء والعامة الذين ليس لهم سطوة أو حظوة، بينما الهوامير يجوبون يمنة ويسرة ويسطون على أموال الشعب بالقانون حينا وبغيره احيانا.
الفساد في رأيي ليس فساد هؤلاء بمفردهم ولا يمكن أن نأتي باللوم على النواب بمفردهم وإنما الفساد الأكبر هو فساد الناخب.. الناخب الفاسد الذي يعلم أن هؤلاء فاسدون أو متخاذلون أو ضعاف واختارهم رغم كل ذلك، الناخب الفاسد الذي اختار على أساس عرقي أو قبلي أو طائفي ونسي الكويت، الناخب الفاسد الذي قبل الرشوة لمنح الفاسد صوته وتسهيل وصوله للبرلمان.
الآن حانت الساعة من جديد، وسنحت الفرصة أن نختار كناخبين من نشاء، فإما نحسن الاختيار، وإما فلنصمت ولا نعترض مستقبلا على أي شيء يحدث، والناخب الفاسد لن يفرز حتما إلا نائبا فاسدا، فلا تلوموا إلا أنفسكم.
اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.
[email protected]