يخلط البعض بين مفهوم الانتماء والولاء رغم أن الأولى صفة يكتسبها الإنسان أو غيره من الكائنات والأشياء بجسده وبأوراقه الثبوتية الرسمية بينما الثانية يكتسبها الإنسان أو غيره من الكائنات بعقله وقلبه وكل جوارحه.
الانتماء صفة نكتسبها بحكم الولادة في نفس المكان أو حتى الإقامة فيه لفترات طويلة.. بينما الولاء صفة نكتسبها مع مرورنا بمواقف وذكريات وأحداث تخلق لدينا الحب وربما العشق لهذا المكان الأمر الذي يجعلنا نبذل النفيس والغالي من أجل الحفاظ على هذا المكان الذي يسمى الوطن.
قد لا تقتنع بانتمائك أو تكون ناقما عليه ولكن الولاء يكون عن قناعة شخصية وحب نتاج مواقف أو تصرفات أو انتماء من نوع آخر حيث تتعدد أنواع الانتماء بخلاف الانتماء للمكان أو الوطن فيكون الانتماء لدين أو عقيدة أو مجال علمي أو جماعة أو فئة من البشر تجعل ولاءك مختلفا عن انتمائك الأول الحقيقي.
قد تنتمي لمكان أو وطن ولكن ليس بالضرورة أن ولاءك له.. بل إن الانتماء إذا تعارض مع الولاء قد يجعلك تحزن على الانتماء لهذا المكان فقد ينتمي إنسان لوطن ولكن ولاءه لوطن آخر وهو ما يعرف هنا أو ما قد يؤدي إلى الخيانة العظمى.
قد تتعدد تعريفات الانتماء والولاء في المعاجم وتختلف في دقتها ولكن ما نفهمه وما هو شائع أن الانتماء لا يعني بالضرورة الولاء وهو ما يحدث مع الأسف في الوقت الحالي مع العديد من الأشخاص في العالم كله الذين أصبحت ولاءاتهم تتعارض مع انتماءاتهم.
الانتماء صفة غير قابلة للبحث والتأكد منها وإنما الولاء صفة تتغير وتتبدل وقابلة للتشكيك والبحث.. وقد ينتمي الشخص لمكان لكنه لا يشعر بالولاء تجاهه وليست لديه الرغبة أو حتى النية لإفادته أو تنميته أو العطاء له.
وتختلف درجات وأهمية الولاء من شخص لآخر فتجد من يقدم صفة الانتماء للوطن على صفة الانتماء لجماعة أو فئة.. والعكس أيضا صحيح فقد يقدم شخص انتماءه لجماعة على انتمائه للوطن وهو ما يخلق حالة من البلبلة والتنافر في المجتمع حيث إنه لا يمكن التشكيك في الانتماء لهذا الشخص ولا المزايدة على انتمائه.. لكن يبقى الولاء هو الأهم وهو ما يخلق العطاء والتنمية والتضحية.
أسمى أنواع الولاء هو الولاء للوطن الذي تنتمي إليه.. لأنه بضياع الوطن والأرض التي تنتمي إليها تضيع الهوية ويضيع الاستقرار ويضيع العطاء لأن الوطن هو الحقيقة الثابتة الملموسة بينما الانتماءات الأخرى انتماءات يظل معظمها هشا غير ملموس على الأرض وربما يكون وجودها مجرد خيال لا وجود له.
الطبيعي أن يكون ولاؤك لوطنك وهو ما يتحلى به الغالبية العظمى من البشر لكن هذا لا ينفي أن هناك قلة ينعدم ولاؤها لوطنها وهو أمر شاذ مستغرب نتيجة اضطرابات نفسية شخصية أو خلل كبير يحدث نتاج أحداث جعلت الشخص يتبرأ من انتمائه ويوجه ولاءه لوطن أو فكر مختلف وجد فيه ما يفتقده في الوطن الحقيقي الذي ينتمي إليه.
انتموا لأوطانكم مهما كان فيها من سلبيات وكرسوا حبكم وولاءكم لها فمن دون الوطن يظل الإنسان مشردا مهما كانت ولاءاته.
[email protected]