هالني قولها عبر الهاتف: هل هناك فتوي بإجازة الانتحار؟ ما إن سمعت الكلمة حتى أصابني هم وغم وسرحان وكدت أتميز من الغيظ من هول ما سمعت!
سيدتي ما أصابك، سيدتي ما خطبك، سيدتي ماذا جرى لتقولي أريد ان أنتحر؟ ما القصة، ما المعنى، ما الروح الشيطانية التي ركبت فيك؟
سيدتي، وهل إنهاء الروح حق مكتسب؟ وهل الروح ملك لك؟ وهل الأنفاس تذهب وتعود إلا تحت سلطانه جل وعلا؟ وهل الدنيا بأسرها بخيرها وشرها وتعبها إلا من صنع الخالق العظيم (ليبلوكم)؟
سيدتي، الانتحار إقدام على أمر لا حق لك فيه، إقدام على اليأس، مهما كانت الدنيا مظلمة والليل بهيم والظلمات، سيدتي همك ما أهمك، لا يأس مع الحياة، أشرقي بروحك إلى رب غفور ودود يصنع لك الخير. ارفعي اليأس من عينيك، تعب الحياة إنما نصنعه نحن بأيدينا والأقدار مكتوبة، هم المعيشة، هم الديون، هم المواطنة، هم الغربة، هم الأولاد، كلها أزمات عابرة، المهم والأهم أن نواجه الدنيا بقوة وعزم وبسلاح الإيمان بالله أولا وأخيرا ومواجهة جبال الهموم بسجدة خالصة مخلصة إلى الله، همك ما أهمك، ارفعي يديك إلى الخالق لتشتكي ظلم العباد من العباد، فهذا يرفع الإيجار لأنه طامع يدعي سعر السوق بينما هذه وأمثالها تعيش الكفاف، تتورم الأرصدة لديه بالملايين وليس لديه مانع في أن يطغى (عبس وتولى). سيدتي الناس من الأرض، وفيهم كما هي الحياة، شر وخير، والحاجة وطلبها يؤذي الجميع لكن من له حق يجب أن يؤديه بحق إما طواعية أو جبرا، سيدتي مها تكوني في عوز فالله كفيل بك، خلقنا لنعبده ونشكره ولم يخلقنا ليعذبنا، أدركي تماما أن الرزق منه وخزائن الله لا تدرك بعقولنا، علينا العمل علينا البصيرة علينا بمواجهة الحياة.
إن كانت الحاجة هي السبب فلنقل: هيا إلى باب الكريم بكل إخلاص، والسعي حتى ولو بشق تمرة، وإبرة تخيط الهم خير من هم تحيط به الهموم.
أبشري ولا تنتحري وإنني ومن أحبهم معك في كل متاعب الحياة، وارفعي يديك إلى الله وقولي: يا رب يا رب يا رب.
٭ ملاحظة: السيدة المذكورة حية ترزق والمعاناة حقيقية والله المعين.