تقف أمامه وكأن الدنيا كلها له يزهو بكل شيء والدنيا عنده مركب غال وامرأة حسناء، ومال وفير، والناس عنده صنفان لا ثالث لهما، صنف يماثله بالمال فهو الثري المقرب وربما يحسدني وأنا أحسده، والصنف الآخر أن الناس عبيد عنده كلهم بلا استثناء يعرض هذا ويعرض هذا وخيرهم الذي يبدأ بالسلام.
قانونه المال، روحه المال، ذهابه ورواحه لأجل المال، ويموت ويحيا على وقع الرصيد وأرقام الحسابات، لا تهمه القيم ولا تهمه أنات الثكلى ولا أنين يتيم، تراه في المجلس متجهما لا ابتسامة ولا غيرها، همه ما أهمه عالم المال والأعمال.
هذا الصنف تراه مشهورا، عنده تصنيف الناس هذا من طبقة كذا وذاك من طبقة كذا وهذا البيت حقير وذاك وضيع.
همه ما أهمه عالم المال والأعمال ربما سمع نصيحة فتراه متأففا لها ولعله يعبس في وجه الواعظ وقد ينهره، لا بأس عنده سوى بأس التكبر والخيلاء والنفس البغيض نفس التعالي والتكبر، وعند الصفقات الكبرى تراه ذليلا مستحقرا، يهمه أن يفوز سواء دفع المال بحقه أم بغير حقه المهم الفوز أليس نحن صناع السوق؟ همه ما أهمه عالم المال والأعمال.
ومن عجائب الأقدار أن هذا المتكبر عند تلاقي الإرادات في الصفقات الكبرى مستعد للتنازل عن كل شي نعم كل شي المهم المال بعضهم داس على النسب والبعض تجاوز القيم والبعض منهم تجاوز والعياذ بالله حدود الشرع، المهم المال وما يتبعه من شهوات وغيرها؟
ثم تدور الأيام وتدور دورة الحياة فيكبر هذا الصنف وتتخلى عنه كل الدنيا، ويجد نفسه وحيدا فارغا يبحث عن شريك وعن صاحب فلا يجد.
وهنا يصرخ في نفسه وفي أرجاء الدنيا، ما أغنى عني مالي.
[email protected]