عبدالله الشنفا
سرقات، اغتصاب أطفال، خطف نساء من الشوارع، خيانة أمانة.. إلخ، والمتهم فيها العمالة السائبة، لا، بل نحن السبب، كيف تتهم شعب الكويت الطيب المسالم وأنت من جلدتنا؟ أقول: قال الرسول ژ: «.. إنما أهلك الذين قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد» رواه البخاري، فمن الذي سرق أموال هذه الفئة في بادئ الأمر؟ من الذي بدد أحلامهم بمغريات رغد العيش؟ من دفعهم لهذا؟ بالله عليكم أليسوا «تجار الإقامات»؟ من الذي يقبض من الحكومة مبلغا وقدره نظير توفير عمال في شتى المهن - خاصة عمال وعاملات النظافة - أليست شركات النظافة والمناولة؟ نحن سمعنا عن تجار الخضار ومكانهم معروف، أما تجار الإقامات فمكانهم «الخفاء» لأن مطعمهم ومأكلهم حرام، أسألك بالله أخي القارئ هل تستطيع ان تعيش في الكويت بمبلغ 25 دينارا فقط لا غير، هل تستطيع أن تنتظر لتسلم هذا المبلغ مدة تصل لعدة شهور؟ هل فكرت في الأولاد؟ هل فكرت فيمن يمرض ومن يحتاج الى الدواء ومن يحتاج الى أن يلبس كحال البشر؟ ألم تسأل نفسك في يوم ما هو دورك في هذه المسألة؟ دورك ان تبين فداحة وجرم هذه المتاجرة الخسيسة، وجعلها مادة للحديث أينما سمعت من يشتكي من جرائم العمال الهامشيين، لأن بعض الجالسين بلا محالة سيكون منهم او يعرف أحدهم، ثم ردع من يعرض عليك ان تقوم بكفالته وتتركه يعيث فسادا في الشارع، فما دفعه اليك من مال سيستخرجه من مناح شتى وبأبشع الأساليب.
ثم كيف ترمي شخصا بالماء وتقول له «إياك أن تبتل» تأخذ مني كل ما أملك في بلدي وتغريني بالمال الوفير بأرض الأحلام «حتجيب فلوس زي الرز» وتتركني بالشارع عالة على بعض الأقارب أو أجيرا «باليومية» في الطرقات وبعد ذلك اصبح مخالفا للإقامة لأنك «يا مصاص دماء الضعفاء» تطلب مبلغا كبيرا لتجديد الإقامة لا تستطيع يداي ملامسة ربع هذا المبلغ، أين مبادئ الإسلام؟ أين المسؤولون الشرفاء؟ لم لا يحاسبون كفيل من يُقبض عليه بالشوارع؟!
والأمر الثاني ان هذا العامل هو في الأساس مظلوم، ويرفع يديه لخالقه، ويقول الله تعالى: «سأنصرنك ولو بعد حين» ومن النصرة ضياع الأمن وتفشي الجرائم وضياع الشباب الذين هم عماد المستقبل، بل محق الرزق الذي نشتكي منه جميعا وبلا استثناء، ولتتضافر الجهود جميعا علنا نجد حلا لهذه المشكلة، أو نجد من يشاركنا الهم ويجد الحل.
اننا جميعا مشتركون في هذه المشكلة إما من قريب «بالمتاجرة» أو من بعيد «لعدم نصحنا لهؤلاء التجار مصاصي دماء الضعفاء» أين جهاز الرقابة سواء في وزارة الشؤون أو البلدية على وجه الخصوص فيما يتعلق بمعاناة عمل النظافة؟! وأين الكشف الدوري على احوالهم ومساكنهم التي والله هي اشبه بأماكن تربية الماشية؟ فسيقول متحذلق: يا اخي: هل اطلعت على حالهم في بلادهم؟ اقول: وهل اتى هذا العامل من بلده لينقل حياته البئيسة الى الكويت أم ليرتقي بنفسه وبمستقبل أولاده ليحيوا حياة كريمة كغيرهم؟! سرقات بالهبل وعمالة هامشية تسبب ضغطا لا يوصف على المرافق الصحية بل انها تولد الأمراض والأوبئة بين العمال الذين جلبناهم للنظافة.
في الماضي كانت سيارات البلدية المخصصة لنقل النفايات - أعزكم الله - تجوب الشوارع قبل صلاة الفجر وكان العمال فقط يفرغون المحتوى داخل السيارات - المكبس - اما الآن فوالله القمامة تمكث لمنتصف النهار، لماذا؟! لأن العمال يفرزون المحتويات (قصدير - علب - نحاس - ...الخ) لأن مسؤولي الشركة وبتهاون من موظفي البلدية الذين لا يجدون التقدير لعملهم تركوا الحبل على الغارب، فهل وظيفة العمال تنظيف أم فرز النفايات أمام البيوت؟
من المسؤول؟
نحن المسؤولون لأن بعضنا يمتلك القرار والمسؤولية القانونية بتجريم هذه التجارة المحرمة بالدين وبالقانون، وكم اتمنى لو تتاح لي الفرصة بتحويل المقال ليشمل صورا عنهم وعن أحوالهم وعن فداحة الجرم المرتكب بحقهم.
فالسؤال الآن موجه الى وزير الشؤون الاجتماعية والعمل بدر الدويلة والقانوني الذي دافع عن الكويت في الخارج ليرد لنا الحق من اللصوص، فالآن هي قضية الشعب، ضد تجار الاقامات من العمال المظلومين، لنشر مبدأ العدالة الذي يتمناه الكل، وليتسنى لنا بعد ذلك محاسبة العمال او غيرهم عندما يخطئون.
ومن العبارات الخالدة هي «دولة الظلم ساعة ودولة الحق الى قيام الساعة».