عبدالله الشنفا
غريب جدا موقف أمة الضاد، فهي كثيرا ما تغير لبوسها فأحيانا تكون ثورية وتارة ليبرالية تريد فصل الدين عن الدولة وتارة غير منضبطة بالدين وتريد تغيير المنكر باليد، ولكنها تناست أنها فقدت اليدين منذ زمن.
فبالله عليكم كيف تفسرون تلك البيانات الثورية والقصائد النارية على وزن قصيدة الإشادة بالمزارع العراقي «منقاش» هازم طائرة الأباتشي، والإشادات الشعبية لرجل له أجندته الخاصة عندما قذف ذلك الحذاء الحارق المارق الخارق على الرئيس الأميركي فماذا كانت النتيجة؟
هل تحرر العراق؟ أم قمعت الفتنة الطائفية؟ وهل أعيد بناء العراق؟ الجواب بكل سهولة «لا» لأنها مواقف آنية لحظية ما تلبث أن تزول من الذاكرة.
ولو انتقلت معي عزيزي القارئ إلى المشهد الدامي المروع والمحزن المبكي لحالنا أولا، ولإخواننا في فلسطين ولحالهم من اليهود المعتدين ولما جلبته لهم «ولاية الفقيه» المندسة تحت العباءة «الحماساوية» فستكون النتيجة هي غزة ذلك الجرح الدامي الذي لم يحصد إلا إعادة لسيناريو الفيلم الذي شاهدناه أو كتب بعد حادثة الحذاء العراقي.
ولأن الشعوب الإسلامية ذات عواطف جياشة لكل ما يهم المسلمين، ولا نملك إلا الدعاء لهم بأن يلطف بهم ويحميهم ويمدهم بمدد من عنده، وألا نبخل عليهم بالمال والدعاء وهو أمر لا منة لنا فيه عليهم لأنه من النصرة لهم، حيث إن القضية الفلسطينية هي قضية أمة إسلامية كاملة قد انقطع صوت أحد أعضائها من شدة الألم فإن أقل ما يقال لحكام غزه هو كفاية.
ومن المعلوم أن دفع المضار أولى من جلب المنافع، فلماذا الاستهانة بأرواح هذا الشعب الجريح أصلا ولماذا يحصل لهم وحدهم دون سائر الأراضي الفلسطينية؟ فقد تنتهي الحرب ولكن الجرح ينزف وسيظل ينزف مستقبلا، لأننا أغفلنا وأقصينا الاستماع لعقلائنا حتى أنزووا عنا بآرائهم، وحيث ان الحماس هو المسيطر فسيكون الشعار هو «حذاء حتى النصر».
بقعة ضوء:
أسأل الله بأسمائه الحسنى أن يلطف بهم وأن ينصرهم على من عاداهم وأن يولي عليهم خيارهم ويبعد عنهم شرارهم، وألا نبخل عنهم بالمال وهذا أضعف الإيمان.